ولد الشاعر زيد عبدالله ابراهيم الحرب عام 1887م تقريباً في منطقة شرق في الكويت.
ـ دخل البحر صغيراً في سفينة يملكها عمه عبدالعزيز الحرب بصحبة والده واعمامه حتى لف البحر واصبح غواصاً ماهراً، وبعد وفاة والده واصل الكفاح على ظهر سفينة عمه حيث كان يبحر صيفاً في رحلة الغوص على اللؤلؤ، ويسافر شتاء الى الهند وايران واليمن.. وغيرها للتجارة.
وفي احدى الرحلات التجارية مرض عمه مرضاً شديداً واوصاه بقيادة السفينة حتى تكمل رحلتها التجارية.
ومات عمه خلال الرحلة ودفن في اليمن.
ـ وبعد وفاة عمه انتقل الى سفن الغوص الاخرى ليواصل الكفاح من اجل حياة حرة شريفة.
ويروي احد اصدقائه، انه في احدى رحلات الغوص فيما يعرف »بالردة« كان شاعرنا هو »النوخذة« الذي يوجه مجموعة من البحارة كان معظمهم من الشعراء، وكان هؤلاء البحارة الشعراء يتبادلون فيما بينهم ابياتاً من الشعر فيما يعرف بالشعر المشترك حيث يبدأ احدهم ببعض الابيات فيضيف اليها الثاني ثم الثالث وهكذا حتى تكتمل القصيدة، وكان شاعرنا »النوخذة« يترك دفة القيادة ليقول ابياتاً تكمل ما بدأه زملاؤه البحارة ثم يعود ليواصل القيادة.
وهكذا كان البحر موطناً لاولئك البحارة، وملهماً لاولئك الشعراء، ومورد رزق لمن صارعوا الموج وكافحوا ضد الاسماك المفترسة، وصبروا على الجوع والظمأ والشقاء.
ولم تكن رحلات الغوص كلها لؤلؤا يبعث البريق تحت اشعة الشمس في النهار، ولم تكن ليالي الغوص سمرا يرسل فيه الشعراء قصائدهم على ضوء القمر، وانما كان الغوص كفاحاً في سبيل الحصول على لقمة العيش وصراعاً من اجل البقاء.
ومع هذا كان الحصول على لؤلؤة ثمينة يخفف من عناء النهار وكانت ابيات من الشعر ترسل على صفحات الموج تقصر ساعات الليل.
وكما تعرض الشاعر للمخاطر والمغامرة في رحلات الغوص تعرض كذلك لهذه المخاطر في رحلاته التجارية، فقد كان يحمل بضائعه وينقلها عن طريق البحر من بلد الى آخر.
واثناء الحرب العظمى واصل رحلاته التجارية على الرغم مما في ذلك من المخاطر والمغامرة.
ـ شارك الشاعر في اكثر من موقعة للدفاع عن وطنه.
ـ شارك الشاعر في بناء سور الكويت الذي اشترك في بنائه معظم الكويتيين لحماية الاهل والوطن من الغزاة.
ـ وبعد ان كسد الغوص وهدأت الرحلات التجارية، وبدأت عمليات التنقيب عن النفط كان من الاوائل الذين عملوا في هذا المجال، وقد قال في هذا:
حنا الحفرنا البير وشلنا نكاده
يا كيف نطرد عنه وحنا هل البير؟
ـ فقد الشاعر بصره عام 1952 تقريباً، وقد قال في هذا:
ما تنفع الدنيا بلا شوف واعيان
وعزى لمن مثلي عيونه عصاته
كانت هذه الشكوى في بداية المأساة، ولكن الشاعر لم يلبث ان استعاد قوته وواصل النضال، وقد كان نضاله فيما سبق نضالا ماديا ومعنويا، ولكنه بعد ان فقد بصره واصل نضاله المعنوي عن طريق القصائد التي كان يضمنها مشاعره القومية والوطنية ويجمع بها اهتماماته بأمور امته وقضاياها، وتتسم حياة الشاعر الحرب بالجرأة والاقدام والشجاعة والتضحية، وعزة النفس وكذلك الصدق والاخلاص والصراحة والشجاعة الادبية.
شعره
بدأ الشاعر يقول الشعر في السادسة عشرة من عمره وكبداية اي شاعر بدأ بالشعر الغزلي، غير انه مع مرور الوقت والنضج واعتماده على نفسه في سن مبكرة ودخوله البحر كغيره من رجال جيله، لم يعد يكتفي من الشعر بالوقوف على الشاطئ وانما غاص في اعماق الشعر شاعرا كما غاص في اعماق البحر بحارا، فنظم في اغراض الشعر المختلفة الرثاء والهجاء والشكوى والحماسة والوطنيات والقوميات، وكان شاعرا شعبيا نبطيا.
وطنية الشاعر
لقد واكب الشاعر مرحلتين مهمتين في تاريخ الكويت، مرحلة ما قبل النفط ومرحلة ما بعد النفط، وكان شاعرا اجتماعيا فعايش الاحداث في وطنه وتفاعل معها ليترك لنا لوحة فنية رائعة تمثل الكويت في مرحلتي ما قبل النفط وما بعد النفط فتناول شعره الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الكويتي قديمه وحديثه، وبما اننا لا نستطيع ان نتصور الكويت في الماضي دون ان تتصور البحر الذي كان مورد رزق للكويتيين، فقد كانت سفن الغوص بمثابة المدن العائمة التي يقضي فيها الكويتيون شهور الصيف الطويلة، لذا فقد صور الشاعر البحار حياة البحر بما فيها من مخاطر ومغامرة وصراع من اجل حياة شريفة بعيدة عن الذل والاستكانة.
وفي هذا المعنى يقول في احدى قصائده:
والقيظ كله نجالب الغوص بحبال
ماي كما الزرنيخ وزاده نهيبه
و»الغيص« يشكي الضيم من بحر الاهوال
و»السيب« واقف دوم مثل النصيبه
ويركض على المجداف لي صاح »يا مال«
ونوم الملا بالليل ما نهتني به
ورحنا السفر والموج يا كنه جبال
في غبة فيها المنايا قريبه
لا حولنا ديرة ولا حولنا يال
ولا من ذا بالضيق نبنلتجي به
الا سواد الليل من دونهم حال
وبحر كسيف دوم تطبخ غبيبه
وكن السفينة حدرنا صابها هبال
تصعد وتنزل كل بحر تعدى به
وحنا نتهادر فوقها مثل الافيال
وقصر المراجل لاعتلى نعتلى بعه
نبغى انعدل طاغى لي مال
والرزق لونه بحلج داب نجيبه
وفي ابيات اخرى من نفس القصيدة يتناول الجانب الاقتصادي فيصور النشاط الاقتصادي الذي كان يمارسه الكويتيون في مرحلة ما قبل النفط، حيث يجد القارئ نفسه امام لوحة تاريخية تصور نضال الشعب الكويتي وصراعه مع الطبيعة القاسية فيصنف الاعمال التي كان يزاولها الكويتيون في الماضي، وجميعها تعتمد على الجهد البدني.
تتضح هذه اللوحة التاريخية في الابيات التالية:
حنا هل الديرة وحنا لها عيال
وحنا ذراها في الليالي الصعيبه
وحنا عليها انكد بسنين الامحال
لي غار عنها الجن واخلى جليبه
ناس تكد الماي وناس بهيال
وناس على »عشيرج« تجدح بهيبه
وهذا ترى »حداق« وهذاك »جمال«
وهذاك زاروع إعابل شريبه
وراعي الحضر ايباري اليم لي سال
يخاف من »لخمة« ذنبها يصيبه
والقيظ كله انجالب الغوص بحبال
مايه كما الزرنيخ وزاده انهيبه
و»الغيص« يشكي الضيم من بحر الاهوال
و»السيب« واقف دوم مثل النصيبه
ورحنا السفر والموج يا كنّه جبال
في غبةي فيها المنايا قريبه
ويمضي البحار الشاعر في تصوير حياة البحر بأصدق المشاعر وارقها، حيث تتكرر صور البحر في اكثر من قصيدة، فنراه تارة يصف رحلات الغوص على اللؤلؤ، وطورا يصور شظف العيش وقسوة الحياة، ومعاناة البحار وآلامه في سبيل الحصول على ما يقيم الحياة الحرة الشريفة.
وفاته:
انتقل الشاعر زيد الحرب الى جوار ربه فجر يوم الاثنين الموافق 1972/2/21م عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.
وما هذا الا نبذة مختصرة جدا عن الشاعر زيد الحرب، فان اردنا ان نتحدث عن سيرته رحمة الله عليه فانه يطول بنا الكلام.. ولن نفي شاعرنا حقه.
هذا وللشاعر ديوان واحد طبع سنة 1978م.. حيث قامت ابنته »غنيمة زيد الحرب« باعداده وطباعته.
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.