جئتُ هنا أتكلم عن قامِة شعريّة عظيمة , سمعت لها من الأبيات الكثير الكثير ودائماً ماأرددها في خلواتي وأنثر بها أريجاً لمن حولي ويبقى السؤال من هذه القامة ومن يكون هذا الشاعر ؟
إنه أدريس محمد جمّاع مواليد حلفاية الملوك بالسودان
لقِبَ بـ ( شاعِر الجَمال )
لايهمني متى توفي أو ولِد .. وأين نشأ وترعرع بل سأنثر لكم شيئاً من شعرِه هاهنا للاستمتاع فقط بحسّه المرهَف الذي حوته أبياتِه
يقول صاحبنا .. رحمة الله عليه في وصفِ حظه البائس :
إن حظّي كدقيقٍ فوقَ شوكٍ نثروه ثم قالـوا لحفاةٍ يــوم ريـحٍ اجمعوه
صَعُبَ الأمر عليهم قلت ياقوم اتركوه إن من أشقاه ربي كيف أنتم تسعدوه
ويقول شاعرنا في أبياتٍ أخرى له كان يصِف فيها الممرضة التي تطببِهُ حينما كانَ مريضاً في القاهِرة وكانت الممرضة غاية في الجمال وعيونها تسلب الألباب فلا تبقي ولا تذر , وكانَ كلما رآها تعِب وزادَ بهِ الوجد .. فلبست الممرضة نظارة شمسيّة لتغطى مكمن مفاتنِها .. ولمّا رآها شاعرنا ارتجلَ هذا البيت .. ثم قال :
السيفُ في الغمدِ لا تخشى بواتِرهُ وسيف عينيك في الحالينِ بتّارُ
فيالله ماهذا الجَمال !
وانظروا معاشر الأدباء إلى ابداعِه في هذه القصيدة :
أعلى الجمالُ تغار منّا .. ماذا عليكَ إذا نظرنا
هي نظرة تنسى الوقار .. وتسعد الروحَ المعنّي
دنياي أنتِ وفرحتي .. ومنى الفؤاد اذا تمنّى
أنت السماء بدت لنا .. واستعصمت بالبعدِ عنّا
هلّا رحمتَ متيماً ... عصفت بهِ الأشواق وهنا
وهفت بهِ الذكرى فطافَ .. مع الدجى مغنى فمغنى
هزته منكِ محاسن .. غنى بها لمّا تغنّى
ياشعلةً طافت خواطـــرنا عليها وطفنـــا
أنست فيكَ قداسةً ولمستَ إشراقاً وفنّا
ونظرت في عينيك آفاقاً .. وأسراراً ومعنى
كلّم عهوداً في الصبا .. واسأل عهوداً كيف كنّا
كم باللقاء سمحت لنا .. كم بالطهارةِ ظللتنا
ذهب الصبا بعهودهِ .. ليتَ الطفولة عاودتنا
لله درّه من شاعِر أي وربي إنه لرقيق حدّ الرقّة ..
أنتِ السماء بدت لنا .. واستعصمت بالبعدِ عنّا
نراكم على خير لاستكمال .. البقيّة !
دمتم سالمين
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.