على جدار النومِ الرمليّفي اليوم العاشر من أيلولْ... أستيقظُ ظمأى،يتأرجحُ فوقَ شفاهي ما يشبهُ طعمَ الدمعِ المالحِ،يتدفقُ في صدري ما يشبهُ ولولةَ الريحِ المجنونةْودمي يتناثثرُ بين جهاتِ الخوفِ العشرينْفتعاويذي لا تَدرَأ عنّي همهمةَ الأشباحِالآتينَ على أجنحةِ الليلِ فُرادىأوّلُهُمْ ذاكَ المتلثمُ بالقوسِ القُزَحيِّيُغمغمُ وهو يمدُّ الطرْفَ إلى الخارطةِ المصلوبةِفوقَ جدارِ النومِ الرّمليِّ، يهزُّ الصّمتَ بقبضةِ رعدٍ ثم ينادي:قد آنَ لهذا الفارسِ أنْ يترجّلَ..لكنّ رياحَ الحقدِ المجنونةلا تسمحُ للوطنِ الفارسِ أنْ.. يتّرجلْ.ثانيهمْ أقبلَ نحوي مبتسماً، وفرحْتُفرحتُ كيثراً، لكأنّ الثاني يحملُ وجهَ أبي،أقسِمُ كان الثاني يحملُ وجهَ أبي،أتقرّى طلعتَهُ السمحاءَ، وداعةَ عينيهِ الشّهلاوينِظلالَ الحزنِ الأولِتَعبُرُ آفاقَ العينين الوادعتينْفأبي- أذكرُ- كانَ يُحِبُّ الأرضَوتملؤُهُ الأحلامُ الخضراءُ بيومِ النّصرِ ويومِ العودة!وأبي كان يسبِّح بسمِ اللهِوباسمِ الأرضِ وباسمِ الشهداء الأبرارِالسّجدةَ تلوَ السّجدةْ...وأبي كانَ يخافُ الموتَ كثيراً،لاطمعاً بالدنيا كانَ يخافُ الموتَ.. ولكنْأملاً بالفرح العربيِّ الموعودِبيومٍ- كان يُظنُّ- قريبٍ،قربَ رموشِ العينِ إلى رفتّها، أذكرُ...كنتُ أرتِّبُ- مازلتُ- تفاصيلَ الحبِّ الأولِّيومَ استلّ الموتُ حنانَ أبيفطويتُ الحبَّ الأولَّ والأوراقَ الخضراءْوانبثَقتْ في أعماقي شلالَ رؤىً أحلامُ أبي،أتراهُ اليومَ يَجيءُ كظلٍّ ليليٍّ لِيعاتِبَني؟!وصرختُ.. وفوقَ شِفاهيأسئلةٌ ودماءْ:أبتاهُ.. اغفرْ لي أنّي لم أتقنْ يوماًإلاّ موسقةَ الكلماتِ وحبَّ الأرضِفلماذا لم تورثْنيإلاّ موسقةَ الكلماتِ وحبَّ الارضْ؟ولماذا حوّلت الوطنَ بصدريعطرَ دماءٍ ومجرّات؟لكنّ أبي- عذراً- لكنّ الشبحّالكانَ يُشابهُ حدَّ الحبِّ حضورَ أبيألقى إليَّ بقبضة صبرٍثم تبَسّمَ كالأطفالِ وقالْ:لا تئدي حلمَكِ في تابوتِ اليأسِ، انتفِضي،مدّي كفَّكِ نحو جَنوب الرّوحِ وصلْيلدمٍ يَرسمُ فوقَ جدارِ الحلمِ ربيعاً،واحتضنيِهم، أطفالَ الأرضِ المحرومينَالمضطهدينَ المقتولينْ..مازالتْ أوراق دفاترِهمْ تحمِلُ تاريخَ الزمنِ الآتيمُبتَدَأ بنهاراتِ الزيتونِ وأسئلةِ الليمونِ بيافاوببعضِ هديلِ حمامِ القدسِيُفَرِّخُ كلَّ صباحٍ آلاف الأطفالْ...وتلاشى مثلَ النسمةِ- حين تجيءُ وترحلُ- وجهُ الظلِّالكانَ يشابهُ حدّ الحبِّ حضورَ أبي..ما كنت بحالمةٍ أبداًفالوقتُ صباحُ العاشرِ من أيلولْوأنا مازلت أفتِّشُ في نشراتِ الأخبارِالمرئيةِ والمسموعةِ عنْ نبأٍ عاجلْ............وَجْهُ الظلِّ الثالثِ ما كانَ غريباً،هو يشبهُ بعضَ رجالِ مدينتِنا، قد يشبهُ أحمدَ أوعبدَ القادرِ أو ذاكَ المزملَ بالأحزانِ علاءَ الدينْ..حاولتُ مِراراً أنْ أتقرّى في عينيهِ كتابَ النخلِ الذاويفوقَ مرايا دجلةَ في بغدادْ،حاولتُ تذكُرَ بعض عذاباتِ الأولادْوملاَمِحَ (ريتا) وهيَ تحاولُ تنسىرُعبَ ليالي القصفِورائحةَ الأمواتِ المنتشرينَ بدونِ قبورٍآنَ استوطنَ في الأعماقِ حدادْ..........الظلُّ الثالثُ لم يبدُ غريباًحاولت كثيراً أن أتلمسَ فيهوجهَ حبيبي الأولِ وهوَ يسافِرُ قبلَ سنينْ،لكنَّ الوجهَ تبدلَ ثم تبدّلَ ثم تبد.. د ..لَفاستوطنَ في العينينِ رمادٌ قانٍ ودمٌ عبقيٌأطلعَ حقلَ شقائقَ ثم تورّدَ فوقَ الوجهِ ربيعُ القدسِوقائعُ (أيلولِ) الألفينِ يذرذرُ فوقَ الجُدرانِ الخرساءِدماءَ الوردِ التشرينيِّ الأولْوالدّرةُ يصحو منْ دهشتِهِويرّددُ مزهوّاً أسماءَ الشهداءْبدءاً من أوّلِ غصنٍ تشرينيٍّحتى آخرِ شجرة نورٍ ضوّأهارجلٌ من وجدٍ منذورٌ لنداء الحريةِتولدُ من آيات دمٍ عربي يستيقظُ كلَّ صباحٍكي يرسمَ فوق وجوهِ الأطفالِمرايا فرحٍ ومجراتٍ مازالتْتنثرُ في سمواتِ اللهِ ضياءً وتصلّيلتظلَّ بخيرٍ أقلامُ الأطفالِ، دفاترُهمْ،وبقايا قطعٍ من حلوىتنتظرُ على قاعدةِ الشُّباكِ العاريإلا من أحزانِ اليوم الفائتِواليومِ القادمِ واليومِ المنتظرعلى قائمة زغاريد النسوةِِأفراحَ الأطفالِ الشهداءْ...هل كان المطرُ الأيلوليُّ قيامةَ هذي الأرضِالنَّسيتْ ضحكتَها في ساحة حربِ الكلماتْ؟هل كانتْ صرخاتُ جمالِ الدرّةِحينَ اقتطعوا من أغصانِ ذراعيهِ العاريتين هديلَ محمّدْ،وبقايا أحلامٍ كانت تتورَّدُ كلَّ صلاةٍفي العينين الضاحكتينْ: وأريدُ بلاداً يا أبتِلا يسرقُ خضرتها الغرباءْوأريد جواداً عربياً لأسابقَ هذي الريحَ الهوجاءْ،وأريدُ.. أريدُ.. أري..وانهمرَتْ نارٌ قربَ جدارْ،ومحمّدُ هذا الطفلُ المثقلُ بالأحلامِ الغضّةِ صارْميلادَ نهارْ..وتدفّقَ في أوردةِ الأرضِ الظمأىمطرٌ إعصاريٌّ من نارْ..من منكمْ يذكرُ كيف تدفّق في أوردةِ الأرضِ الظمأىمطرٌ إعصاريٌّ من نارْ؟من يذكرُ كيفَ اخترقَ الموتُ تفاصيلَ الأخبارْ؟كم من ْ نبأٍ جاءَ يزلزلُ هذا الباقي من نبضاتِ القلبِويتركُ فوقَ مرايا الصمتِ ذهولاً يقتحمُ الأسرارْ؟صاروخٌ يدخلُ من نافذةٍ فتحتْ للشمسِ ذراعيها،يلتهمُ الشمسَ ويزرعُ في الشرفاتِ دمارْ..كمْ منْ وردٍكانَ يبرعمُ فوق جبينٍ القمرِ الطفلِفيسرقُ من عينيهِ مداراًكي يتخلّقَ منْ أبراجِ الصبرِ مدارْياكلَّ مداراتِ الصبرِ العربيِّ انهمري أقواساًمن مطرٍ إعصاريٍّ..دقي الأجراسَ ليومِ الثارْفعلى شرفاتِ الرّعدِ نذيرٌ آتٍيعلنُ أنّ الأرضَ ستلبسُ بعد قليلٍ زينتَهاوسيزهرُ في الساحاتِِ الغارْهل يزهرُ في الساحاتِ الغارْ!
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.