( 1 )قد قال لي يوماً أبيإن جئت يا ولدي المدينة كالغريبوغدوت تلعق من ثراها البؤسفي الليل الكئيبقد تشتهي فيها الصديق أو الحبيبإن صرت يا ولدي غريباً في الزحامأو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهانأو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوانإن ضاقت الدنيا عليكفخذ همومك في يديكواذهب إلى قبر الحسينوهناك صلي ركعتين(2)كانت حياتي مثل كل العاشقينوالعمر أشواق يداعبها الحنينكانت هموم أبي تذوب .. بركعتينكل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسينأو دعوة لله أن يرضى عليهلكي يرى .. جد الحسينقد كنت مثل أبي أصلي في المساءوأظلُ أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاءأو أقرأ الكتب القديمةأشواق ليلى أو رياضَ .. أبي العلاء(3)وأتيتُ يوماً للمدينة كالغريبورنينُ صوت أبي يهز مسامعيوسط الضباب وفي الزحامِيهزني في مضجعيومدينتي الحيرى ضبابٌ في ضبابأحشاؤها حُبلى بطفلٍغير معروف الهويةأحزانها كرمادِ أنثىربما كانت ضحيةأنفاسُها كالقيدِ يعصف بالسجينطرقاتُها .. سوداء كالليل الحزينأشجارها صفراء والدم في شوارعها .. يسيلكم من دماء الناسينزف دون جرح .. أو طبيبلا شيء فيك مدينتي غير الزحامأحياؤنا .. سكنوا المقابرقبلَ أن يأتي الرحيلهربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلامما أثقل الدنيا ...وكل الناس تحيا .. بالكلام(4)وهناك في درب المدينةِ ضاع مني .. كل شيءأضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيفجثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيفماتوا يريدون الرغيفشيخٌ ( عجوز ) يختفي خلف الضبابويدغدغ المسكينُ شيئاً .. من كلامقد كان لي مجدٌ وأيامٌ .. عظامقد كان لي عقل يفجرفي صخور الأرض أنهار الضياءلم يبق في الدنيا حياءقد قلتُ ما عندي فقالوا أننيالمجنونُ .. بين العقلاءقالوا بأني قد عصيتُ الأنبياء(5)دربُ المدينة صارخُ الألوانِفهنا يمين .. أو يسارٌ قانيوالكل يجلس فوق جسمِ جريمةٍهي نزعة الأخلاقِ .. في الإنسانِأبتاه .. أيامي هنا تمضيمع الحزن العميقوأعيشُ وحدي ..قد فقدتُ القلبَ والنبضَ .. الرقيقدربُ المدينة يا أبي دربٌ عتيقتتربع الأحزانُ في أرجائهويموت فيه الحب .. والأمل الغريق(6)ماذا ستفعل يا أبيإن جئتَ يوماً دربناأترى ستحيا مثلنا ؟؟ستموت يا أبتاه حزناً .. بينناوستسمع الأصواتَ تصرخُ .. يا أبي : يا ليتنا ..يا ليتنا .. يا ليتناوغدوتُ بين الدربِ ألتمسُ الهروبأين المفر؟والعمرُ يسرع للغروب(7)أبتاهُ .. لا تحزنفقد مضت السنينولم أصلِّ .. في الحسينلو كنتَ يا أبتاهُ مثليلعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيءبالرغم منا .. قد نضيعبالرغم منا .. قد نضيعمن يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟من يجعل الغصنَ العقيمَيجيء يوماً .. بالربيع ؟من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟(8)أبتاهُبالأمس عدتُ إلى الحسينصليتُ فيه الركعتينبقيت همومي مثلما كانتصارت همومي في المدينةِلا تذوب بركعتين
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.