الكلمة والتجربة - فدوى طوقان

الحب، يا نعومة الكلمة
يا سحرها، ويا جمال الجمال
من قبل ان تحرقنا التجربه
اذ مضى يلفظها الآخرون
رفت على صحرائنا نسمه
وأغدقت في بالنا نعمه
وانكشف للخيال
مرابع سحرية مخصبه
ينعم في غبطتها العاشقون
نسمعها نغمة
تنساب في لين، حريريه
فترعش الخضرة فوق التلال
ويستفيق الجمال
ويستحيل الكون أغنية
وفي الليالي الموحشات الطوال
نلمحها نجمه
تشع في الأفق الخفي البعيد
تومئ في صمت الى عالم
ضاح جديد
تحلو المنى فيه، وتسخو الوعود
يزهر الحلم، ويزهو الوجود
وذات يوم تقبل التجربه
غنية، معطاه
بنظرة تطرق أبوابنا
تطرقها من عينين معبودتين
وهاجعتين
تطرقها بضحكة طائرة
ساخنة، بنكتة بارعه
ذكية، بلفتة من جبين
غض، فتى، زئبقي الرواء
فتنفتح الأذرع في نشوه
نعانق التجربة الحلوه
نحقق الحلم الذي أوغلت
رؤاه في أعماق أعماقنا
يوم، وتعري الكلمة الناعمه
من ظلها، ويبدو وجهها الثاني
عبر مسافات جليديه
خلف متاهات ضبابيه
وجه كثيب الروح، وجه حزين
مرت عليه لفحات الظنون
فأذبلت زهوته الباسمه
وأطفأت فيه شعاع اليقين
وجه شقي، في التفاتاته
كل أسى الدنيا وثقل السنين
يوم، وتنهار سماواتنا
وتنتهي الدنيا التي أمرعت
واينعت فيها خيالاتنا
يوم، ونرتد حيارى الخطى
نسأل عن أشواقنا الرائعه
نبحث عن أشيائنا الضائعه
أين مضت كيف استحالت هبا
أهكذا نفقد أحلامنا
أهكذا لا شئ يبقى لنا
بلى، بلى، لاشئ يبقى لنا
لا نجم، لا نغمه
لا ظل، لا نسمه
ترف في صحرائنا المجدبه
بلى، بلى، لا شئ..
لكنما
يا تعسنا، يا فقر أعمارنا
إذا انطوى العيش ولم تحترق
أرواحنا في لهب التجربه
يوليو 1959
© 2024 - موقع الشعر