العليقة - إيليا أبو ماضي

ذات شوك كالحراب أو كأظفار العقاب
 
ربضت في الغاب كاللّص ، لفتك و استلاب
 
تقطع الدّرب على الفلاح و المولى المهاب
 
صنت عنها حرّ وجهي ، فتصدّت لثيابي
 
كلما أفلتّ من ناب تلقّتني بناب
 
فلها نهش الأفاعي ، و لها لسع الذئاب
 
و أذاها في سكوني ، كأذاها في اضطرابي
 
و هي كالقيد لساقي ، و لجيدي كالسّخاب
 
فكأنّا في عناق ، لا نضال ووثاب
 
.......
 
قلت : يا ساكنة الغاب ، و يا بنت التراب
 
لا تلجّي في اجتذابي ، أو فلجّي في اجتذابي
 
إن عودا فيه ماء ليس عودا لاحتطاب
 
أنا في فجر حياتي ، أنا في شرخ شبابي
 
الهوى ملء فؤادي ، و الصبى ملء إهابي
 
و المنى تنبت في دربي و تمشي في ركابي
 
أنا لم أضجر من العيش و لم أملل صحابي
 
لم أزل ألمح طيف المجد حتى في السراب
 
لم أزل استشعر اللّذة حتى في العذاب
 
لم أزل أستشرف الحسن و لو تحت نقاب
 
......
 
ما بنفسي خشية الموت و لا منه ارتهابي
 
أنا للأرض ، و إن طال عن الأرض اغترابي
 
غير أنّي لم يزل ضرعي لمري و احتلاب
 
لم أهب كلّ الذي عندي ، و لم يفرغ و طابي
 
......
 
أنا نهر لم أتمم بعد في الأرض انسيابي
 
أنا روض لم أذع كلّ عبيري و ملابي
 
أنا نجم لم يمزّق بعد جلباب الضباب
 
أنا فجر لم تتوّج فضّتي كلّ الروابي
 
لي رغاب لم تلد بعد فتبلى بالتباب ؟
 
و بنفسي ألف معنى لم يضمّن في كتاب
 
.......
 
فإذا استنفدت ما في دنّ نفسي من شراب
 
و إذا أنجم آمالي توارت في الحجاب
 
و إذا لم يبق في غيمي ماء لانسكاب
 
و إذا ما صرت كالعلّيق تمثال اكتئاب
 
لا يرجيني محتاج ، و لا يطمع ساب
 
فاجذبيني ... إن يكن منذي نفع للتراب
© 2024 - موقع الشعر