باسمِ الإله بَدأتُ نَظْمِي مُطْلَقَا
وَ زَهَا الحَدِيثُ بِخَيْرِ بَدْءٍ مُنْتَقَى
وَ الحَمْدُ للهِ ابْتِدَاءَ مُسَلّمٍ
مِنْ نَفْحِ آيَاتِ الْكِتَابِ تَعَبَّقَا
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ مُسَلِّمًا
وَ عَلَى جَمِيعِ الأْنْبِيَاءِ مُسَبَّقَا
والآلِ والأصْحَابِ... كُلُّ مَنِ اقْتَفَى
الأَثَرَ المُبِينِ لَهُمْ وَ كَانَ مُصَدِّقَا
حَمَلُوا الرِّسالةَ بَلَّغُوا بِأَمَانَةٍ
للشِّرْكِ بالتَّوْحِيدِ حَطُّوا مَفْرِقَا
فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ، نَبْضُ حَيَاتِنَا
طَمَسَ الجَهَالةَ عِنْدَ نُورٍ حَدَّقَا
قِصَصٌ تُرتَّلُ فِي القُرَانِ زَكَاتَهَا
لِأُولِي النُّهَى ، تُعْطِي اعْتِبَارًا مُشْرِقَا
تُوحِي بَيَانًا وَ الْشَّوَاهِدُ سُجِّلَتْ
فِيمَا تَدَاوَلَهُ الزَّمَانُ وَ وَثَّقَا
لَيْسَتْ أساطيرًا يُرَبّي سِحْرُهَا
عَبَثَ العَقَائدِ فِي كِتَابٍ أَفْسَقَا
بَلْ إنّهَا التَّنْزِيلُ سَاقَ مِثَالُهَا
عِبَرَ الأوائِلِ للتَّدَاوُلِ مَنْطِقَا
وَ الْعَرْضُ فِي حَالِ انْفِرَاجٍ بَعْدَما
اشْتدَّ البَلاءُ وَزَادَ ضَغْطًا طَوَّقَا
بَيْتُ النُّبُوَةِ بِالخَلِيلِ مُؤَزَّرٌ
مَهْدُ الوَقَارِ عَلَى عِبَادَتِهِ ارْتَقَى
وَ فُؤَادُ إِبِرَاهِيمَ مُنْفَطِرٌ عَلَى
طَبْعِ الأبُوَّةِ يَشْتَهِي خَلَفَ البَقَا
فَتأمَّمَ المِحْرَابَ صَلَى دَاعِيَا
يَرْجُو الذَّرَارِيَ ، فِي السُّجُودِ تَعَمَّقَا
مَوْلاَيَ جُودُكَ فَوْقَ كُلِّ تَفَضُّلٍ
رَبِّي فَزِدْ فَضْلاً وَ هَبْ لِي مِرْفَقَا
وَلدٌ لِمِيرَاثِ النُّبُوَّةِ وارثٌ
فَدَفِينُ صَبْرِي عِنْدَ بَابِكَ أَطْرَقَا
جَرَتِ السِّنُونَ وَلَمْ يَخِبْ ظَنَّا وَ لاَ
أَفَلَ الرَّجَاءُ بِقَلْبِ سَارَةَ مُطْلَقا
طَالَ انْتِظَارُ الْوَعْدِ فِي أَنْفَاسِهِ
يُحْصِي الزَّمَانَ ، يُلِحُّ ، يَرْنُو مَنْطِقَا
وَبَدَا الوِدَادُ مِنَ الكَرِيمة وَافِيًا
صُنْعُ المُحِبِّ إلَى الْحَبيبِ تَنسَّقَا
هَمَّتْ بِوِدٍّ تَسْتَثِيرُ فُؤَادَهَا
وتَمَسُّ فقْدًا مَاضِيًا مُتَعَمِّقَا
وَ قَضَتْ بِإدْخالِ السُّرُورِ مَعَزَّةً
فِي قَلْبِ زَوْجٍ سِرُّهُ قَدْ أرَّقَا
وَهَبَتْ لإبْراهيمَ جَاريةً لَهَا
وَ الردُّ فِي كَنَفِ الْوَفَاءِ تأَلَّقَا
هِي هَاجَرُ المِصْريَّةُ...الأَمْرُ اقْتَضَى
صَارتْ لإبراهيمَ زوجًا مُعْتَقَا
حَمَلَتْ فَطوَّقَتِ البَشائِرُ دَارَهُمْ
يَا فَرْحةً دُومِي ضِياءً مُشْرِقَا
قدْ أحسَنَ الصَّبْرَ الجَميلَ معَ الْرَّجَا
نَالَ الجَزاءَ عَلَى الدُّعَاءِ مُحَقَّقَا
وُلدَ النَّبِيُّ ابْنُ النَّبِيِّ بِفَرحَةٍ
غَمَرَتْ كَيَانَ البَيْتِ زَهْرا عَبَّقا
أَسْمَاهُ إِسْماعيلُ أَوَّلُ نَسْلِهِ
اِبْنُ الشَّدَائِدِ مَنْ رَآهُ تَعَلَّقَا
وَجْهُ البَشَائِرِ حَازَ كلَّ مَوَدّةٍ
أَوَ كَيْفَ لاَ ! وهوَ الرَّجاءُ تَحَقَّقَا
وَبِقَلْبِ سَارةَ طَافَ طَائِفُ غُرْبَةٍ
فَتَحَسَّسَت فَقْدًا ، وَ هاجَ ، فَضَايَقَا
قَالتْ بِرُوحِي يَا نَبيُّ تَصَارُعٌ
فَتَقَ الفُؤَادَ بِسَهْمِ هَمٍّ أَطْبَقَا
إنِّي رَجَوْتُ الْخَيْرَ إِشْفَاقًا عَلَى
خَلَدِي ، وَ أَمْرُ اللَّهِ كَانَ مُسَبَّقَا
خَيْرًا يَشَاءُ اللهُ وَ الغَيْبُ اِحْتَوَى
إِذْنُ الإلهِ لِيَنْجَلِي ما أَلْحَقَا
مَا كَانَ إِجْحافًا وَ لاَ ظُلْمًا طَغَى
مِنْ نَفْسِ صَالِحَةٍ تُصَارعُ مَوْبِقَا
إنَّ الغَرَائِزَ فِطْرَةٌ جُبِلَتْ وَ فِي
طَبْعِ النِّسَاءِ بِغِيرَةٍ تُفْضِي الشَّقَا
طَافَتْ خَوَاطِرُ بَالِ إبْرَاهِيمَ إذْ
وَجَدَ البُعَادَ عَنِ التَّصَادُمِ ألْيَقَا
فَنَوَى الْرَّحِيلَ بِأَمْرِ رَبٍّ قَدْ قَضَى
فِي حُسْنِ ظَنٍّ ، و الرَّجَاءُ الُمًلْتَقَى
شَدَّ السَّبِيلَ عَلَى يَقِينٍ مُمْتَطٍ
رُوحَ التّوَكُّلِ عَازِمًا، مُسْتَرْزِقَا
حَطَّ الرِّحَالَ طَوَاعَ وَحْيٍ وَ الْتَقَي
بِرِحَابِ وَادٍ لَا حَيَاةً مُطْلَقَا
ثُمّ اسْتَدَار مُغَادِرًا فَوْرًا عَلَى
صَمْتِ الإنَابَةِ فِي رِضًا مَا عَلّقَا
كَانَ ابْتِلاَءً مَا أشَدَّ فُراقَهُمْ
وَ فُؤَادُهُ قَدَرُ الرضَاءِ تَرَقَّقَا
لَكأَنَّ مَنْ يَمْشِي يُقَدِّمُ خَطْوَهُ
وَالقَلْبُ يَأْبَى هَجْرَهُمْ فَتَمَزَّقَا
فَزِعَتْ تَقُولُ لِمَنْ تُخَلِّفُنَا هُنَا
حُبِسَ الكَلامُ فَلَمْ يُجِبْهَا مَنْطِقَا
لَمْ يَلْتَفِتْ ، وَ مَضَى بِوَجْهٍ مُدْبِرٍ
وَتَعَمَّقَتْ بضَمِيرِهَا وَتَعَمَّقَا
قَالَتْ: مُسَائِلَةً لِتُوقِنَ ظَنَّهَا
ولِصَدِّ وِسْوَاسٍ تَمَادَى مُخْنِقَا
آللهُ قَدْ أَمَرَ الْبَقَاءَ بِهَاتِهِ !؟
الأرْضِ القِفَارِ مَعَ الخَلاَءِ تَلاَسُقَا
سَأَلَتْ مِرَارًا وَ النّبِيُّ بِصَمْتِهِ
بِالرَّأسِ أَوْمَى: أيْ نَعَمْ و اَسْتغْرَقَا
مَا كَانَ يَهْجُرُهَا الشَّرِيفُ تَخَلِّيًا
وَ الظَّنُّ أَبْلَسَ بِارْتِيَابٍ أَخْفَقَا
هُوَ أُمَّةٌ أَبْلَى ، حَنِيفًا قَانِتًا
دَرَجَ الفَضَائِلَ كُلَّهَا وَ تَسَلَّقَا
فَالصِّدْقُ فِي عَزْمِ الرِّجَالِ مرُوءَةٌ
يَعَلُو الصَّغَائِرَ ، فَوْقَ نَجْمٍ حَلَّقَا
وَ تَدَثَّرَتْ بِفَضِيلَةٍ تَحْيَا بِهَا
حُسْنُ التَّبَعُّلِ وَ الإِنَابَةِ وَ التُّقَى
قَدْ سَلَّمَتْ بالحَالِ فِي حِضْنِ الرِّضَا
وَ الدَّمْعُ فِي حِضْنِ العُيُونِ اِغْرَوْرَقَا
قالَتْ لَهُ برِضًا عَمِيقٍ وَاثِقٍ
مَا دَامَ رَبِّي كَافِلِي لَنْ نُزَهقَا
أَبَدًا إِلَهِي لَنْ يُضَيِّعَنَا مَعًا
فالله خيرٌ حافِظًا لِي مُرْزِقَا
وَقَفَتْ تُرَاقِبَ ظِلَّهُ حَتَّى اخْتَفَى
وَ خَيَالُ أَقْدَارٍ عَلَى أَمَلِ اللِّقَا
طَرَقَ الطَّريقَ مُغَالِبًا شوْقًا هَمَى
يَدْعُو بِقَلْبٍ مُؤْمِنٍ قَدْ أَشْفَقَا
لَمَّا اخْتَفى.. طَرَحَ الدُّعَاءَ مُنَاجِيًا
مَلِكَ المُلوُكِ وَ فِي انْكِسَارٍ عَلَّقَا
ربِّي لقَدْ أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي
بِتُرَابِ وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وَقَى
أَنْتَ الأَنِيسُ لِمَنْ تَرَكْتُ مُكَابِدًا
شَقَّ النَّوَى بَعْدَ اجْتِمَاعٍ فَرَّقَا
فَاجْعَلْ رِيَاحَ الإِلْفِ تَهْوِي نَحْوَهُمْ
وَ لِقِبْلَةِ البَيْتِ الحَرَامِ تَوَفُّقَا
وَ اجْعَلْ بِأَفْئِدَةِ العِبَادِ دُرُوبَهُمْ
تَجْرِي إِلَيْهِمْ فِي نَمَاءٍ أَغْدَقَا
بَقِيَا بِحُضْنِ طَبِيعَة مَا أَخْصَبَتْ
لا حِسَّ ، لا هَمْسًا لِطَيْرٍ زَقْزَقَا
وَقَرَتْ وأُنْسُ الله حَوْلَ مَقَامِهَا
وَتَحَيَّزَتْ بسُرادِقٍ قَدْ سُرْدِقَا
رَضَعَ الصّبِيُّ حَليبَهَا، وَ حَنَانُها
غَطّى الرَّضيعَ وَ عَانَقَتْ غَيْبَ النَّقَا
جَفَّتْ مَنَابِعُ شُرْبِهُمْ وَغِذَاؤهُمْ
وَ هَمَتْ يَنَابِيعُ الحَنَانِ تَدفُّقَا
فَبَكَتْ ، وَكيْفَ تُجِيبُ صَرْخَةَ جَائِعٍ
وَبُكَاءَ طِفْلٍ في لَهيبٍ أَحْرَقَا
لاَ قُوَّةً ، لاَ حِيلَةً تَسْعَى بِهَا
يَا صَرْخَةً رَفَعَتْ نِدَاءً مُقْلِقَا
وَ تَطَلَّعَتْ بُعْدَ القِفَارِ عَسَى تَرَى
أَمَلاً يُؤَمِّنُ أَنْفُسًا أوْ مُنْفِقَا
هَرَعَتْ تُكَاشِفُ لِلْمَكَانِ بِسِرِّها
وَ اللَّهَ تَسَأَلُ أَنْ يُفَرِّجَ مَأْزِقَا
سَبْعًا تَكَرَّرَ سَعْيُهَا بَيْنَ الصَفَا
وَالْمَرْوَةِ ، ارْتَفَعَ الدُّعَاءُ مُحَلِّقَا
سَبْعًا لِأشْوَاطٍ جَرتْ بِمَنَاسِكٍ
رَفَعَتْ شَعَائِرَ فَرْضِ حَجٍّ وُثِّقَا
فِي وَهْلَةٍ لَكَأنَّمَا حِسًّا دَنَى
بِمَكَانِهِمْ ، لَكَأَنَّ صَوْتًا شَقْشَقَا
قَالَتْ: أَغِثْنَا ...! ذَاك جِبْرِيلٌ أَتَى
أَتَتِ البَشَائِرُ وَ الأمَانُ تَحَقَّقَا
ضَرَبَ الثَّرَى مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِ الصَّبِيْ
يِ ، تَفَجَّرَتْ عَيْنًا بِمَاءٍ رَقْرَقَا
طَفِقَتْ تُحِيطُ الْمَاءَ خَوفَ ضَيَاعِهِ
وَ تَقُولُ: " زَمْ زَمْ " فِي نَعِيمٍ أَغْرَقَا
هذاَ الصَّبِيُّ مَعَ الخَلِيلِ سَيَرْفَعُ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ إلَى الْحَجِيجِ مُعَتَّقَا
وَ تَبَارَكَ الرَّحْمَنُ في عَلْيَائِهِ
جَعَلَ الْكِفَايةَ فِي ارْتِوَاءٍ قَدْ سَقَا
شَعُرَتْ بِأَمْنٍ قزَّمَ الْهَمَّ الّذِي
كَانَ اجْتِيَاحًا بَائِسًا فَتَفَرّقَا
وَ أَتَى انْحِدَارُ قَبِيلَةٍ عَرَبِيَّةٍ
اللهُ وَجَّهَهُمْ بِغَيْبٍ وَفَّقَا
فَاسْتَأْذَنُوا لِإِقَامَةٍ بِجِوَارِهِمْ
سَكَنُوا وَ قَرَّ الأمْنُ كَوْنًا أَشْرَقَا
فِي يَعرُبَ اشْتَدَّ الصَّبِيُّ مُسَالِمًا
وَ بِحَرْفِهَا انْفَتَقَ اللِّسَانُ وَ أُطْلِقَا
فَلِسَانُ إسْمَاعِيلُ أَفْصَحُ ذَاكِرٍ
منْ ِفِطْرَةِ التَوْحِيدِ رَبَّى المَنْطِقَا
وَالمَنْطِقُ اسْتَحْلَى الكَلامَ بِضَادِهِمْ
يَسْعَى الحَدِيثُ بنَبْرِ صَوْتٍ نُسِّقَا
في كُلِّ هَذَا وَالْخَلِيلُ مُزَاوِرٌ
يَطْوِي السُّهُوبَ مَعَ الجِبَالِ مُحَلِّقَا
مَا غَابَ بالوَصْلِ الِقَرِيبِ لِبُعْدِهِمْ
يَغْدوُ الِبُراقُ بِهِ وَيُمْسِي مُبْرِقَا
كَسَبَ الْغُلَامُ مَعَزَّةً كَبُرَتْ بِهِ
وَغَدَا حَلِيمًا ، بالوَفَاءِ تَأَلَّقَا
وَ رَعَى الْجِوَارَ بِسُنَّةِ النَّسَبِ الذِي
اسْتَرْعَى الشَّرِيفَ فَزَوجُوهُ تَوَفُّقَا
وَبَدَا انْتِعَاشٌ للحَيَاةِ مُبَارَكٌ
وَ الْجَدْبُ وَارَى وَجْهَهُ مُتَزَحْلِقَا
زَهَتِ الحَيَاةُ وَ طَوَّرُوا عُمْرَانَهمْ
وَتَكَاثَرَ النّسْلُ الْكَرِيمُ وَأَوْرَقَا
حَانَ امْتِحَانٌ للخَلِيل بِرِؤيَةٍ
ظَلَّتْ تُرَاودُهُ... وَثَمَّ تَحَقَّقَا
رُؤْيَاهُ ذَبْحُ ابْنُ الْفُؤَادِ بِوَحْيِ مَنْ
وَهَبَ الكَيَانَ كَمَالَ أصْلٍ أعْرَقَا
وَ سَعَى بِإِسْمَاعِيلَ يُفْضِي سِرَّهُ
عَنْ أُمِّهِ سِتْرًا بِقَلْبٍ أَشْفَقَا
إنّي رَأَيْتُكَ فِي المَنَامِ بِرُؤيَةٍ
وَ الحُلْمُ حُكمٌ صَارَ أنْ يَتَحَقّْقَا
رُؤْيَ النَّبِيِّ مُؤَوَّلٌ كالوَحْيِ فِي
الإِقْرَارِ تَطْبِيقًا بِقَلْبٍ صَدَّقَا
فِي حِكْمَةٍ أَفْضَى بِعَزْمِ أولِي النُّهَى
مَا كان يُفْجِعُهُ بِذَبْحٍ حَدَّقَا
إنِي أَرَى أَنِّي سَأَذْبَحُكَ الضُّحَى!
فَانْظُرْ بُنَيَّ بِمَا تَرَى ، وَ تَرَفَّقَا
خَفَضَ الذَّبِيحُ جَنَاحَهُ وَ أجَابَ اِفْ(م)علْ مَا ترىَ ، لَمْ يَحْتَوِيهِ تَأَبُّقَا
وَعلَى وَدَاعٍ سَلَّمَ العُنُقَ الرَّدَى
مُسْتَعْجِلاً ذَبْحًا أَتى مُسْتَوْثِقَا
تَقْرِيرُ تَسْلِيمٍ بِمَا حَكَمَ القَضَا
فَالأمْرُ للِهِ اِقْتَضَى وَ تَوَثَّقَا
وأَطَاع رَبًّا صَابِرا وَمُسَلِّمًا
فَأكَبَّهُ مسْتَسْلِمًا مُسْتَغْرِقَا
لَوَّى الذِّرَاعَ وَتَلَّهُ لِجَبِينِهِ
سَمَّى الإلَه وَكَبَّرَاهُ لٍيُزْهَقَا
مَعَ كُلِّ هَذَا وَ الوَسَاوسُ مَا انْتَهَتْ
مِنْ ِكَيْدِ إبْلِيسَ الرَّجِيم فَأخْفَقَا
كَانَ المُقَدَّرُ فِي الْخُلاَصَةِ خَيْرُهَمْ
مَا كَان إسِمَاعِيلُ يُدْرِكُ مَفْرِقَا
سَمِعَا نِدَاءً مِنْ سَمَاءٍ بَشَّرَتْ
نَفَشَ الهُمُومَ عَلَى فَضاءِ أُغْلِقَا
مَهْلاً فَأنْتَ أَتَيْتَ أمْرًا نَافِذًا
ثُمَّ اسْتَجَبْتَ مَعَ الغُلامِ مُصَدِّقَا
فَالذَّبْحَ تََنْوِي طَاعَةً وَ اللَهُ فِي
عَلْيائِهِ فَدَّاهُ ذِبْحًا مُعْتِقَا
نَزَلَ انْفِرَاجٌ وَ الْقُدومُ لِفِدْيَةٍ
هَبَطَ الفِدَاءُ بِوَحْيِ كَبْشٍ طَقْطَقَا
وَ مِنَ الجِنَانِ فَدَى بِذِبْحٍ أمْلَحٍ
في عِيدِ أَضْحَانَا يُسَنُّ لِيُهْرَقَا
فرِحَا بأَكْمَلِ فِدْيَةٍ كَهَدَّيَةٍ
هَذَا جَزَاءُ المُحْسِنينَ تَأَلَّقَا
وَتَوالَتِ الَأحْدَاثُ تَطْوِي بَعْضَهَا
رَبَّى الْخُيُولَ رَائضًا و مُحَذِّقَا
واسْتَبْدَلَ الزَّوْجَ التِي قَدْ أَخْفَقَتْ
طَوْعًا لِوَالِدِهِ بِعُذْرٍ طَلَّقَا
وَ تَزَوَّجَ الحُسْنَ الحَصِينَ لِبَيْتِهِ
وَ لِعِرْضهِ سِتْرًا تَزَيَّنَ مَنْطِقَا
كَانَتْ لِبَيْتِ اللهِ ثَمَّ قَوَاعِدٌ
فَبِمَكَّةَ انْطَلَقَ الضِّيَاءُ وَ حَلَّقَا
أُمِرَا بِتطْهِيرِ المَكَانِ وَ مِنْ هُنَا
مُنِحَ الخَلِيلُ مَع ابْنِهِ شَرَفَ ارْتِقَا
لَبَّى النَّبِيُّ بْنُ النَّبِيِّ نِدَاءَ مَنْ
بَرِئَ البَرِيَّةَ بِامْتِثَالٍ صَدَّقَا
وَ مَعَ الخَلِيلِ اسْتَسْلَمَتْ أحْجَارُهُمْ
وَ تَعَانَقَتْ رَصْفًا بِنَظْمٍ نُسِّقَا
بَرَزَ الأسَاسُ فَشَيّدَاهُ وَ ثَبَّتَا
أُسُسًا لِتِوْحيدِ الإلهِ وَ وُفِّقَا
وَ مَقَامُ إبْرَاهيمَ لاَنَ بِصَخْرَةٍ
لَمَّا ارْتَقَى وَصْلاً بِبُعْدٍ أَلْيَقَا
رَفَعَا عِمَادَ البَيْتِ كَعْبَةِ رَبِّنَا
وَ الفَرْضُ تَمَّ وَ دِينُ رَبّى حُقِّقَا
أَعْظِمْ بِبَيْتٍ والسَّوَاعِدُ مَنْ بَنَتْ
و سَعَتْ إلى الأوْثَانِ هَدْمًا أسْحَقَا
رَسَمَتْ قَوَاعِدُهُ الطَّوَافَ بِسُنَّةٍ
قَامَتْ تُنَزِّهُ عَنْ شَرِيكِ اُلْزِقَا
بَقِيَتْ مَنَاسِكُهُمْ تُقَرِّرُ أَنَّهُمْ
نَسْلٌ شَريفٌ مُجْتَبَى ما أخْفَقا
هَذَا الذَّبِيحُ وذاكَ مَشْهَدُ بَعْضِهِمْ
نُقِشُوا بحَرْفٍ فِي السَّرائِر أَعْرَقَا
وَ الضَّادُ أَفْتَى لِلُّغَاتِ بِحُكْمِهِ
مَا هَزَّهُ رِيحًا لَوَى، أَوْ أَصْفَقَا
يَبْقَى بَيَانًا فِي ضِفَافِ قُلُوبِنَا
وَ كِتَابُهُ ضَمَّ الكَيَانَ وَ طُبِّقَا
شَرَفًا تَعَبَّقَ بالقُرَانِ مِدَادُهُ
فَكَفَى اللِّسَانُ مِنَ الكِتَابِ تعَبُّقَا
وَ كَفَى الدَّوَاةُ مِنَ الحُرُوفِ شِعَارُهَا
قَلَمٌ بِبُرْجِ الضَّادِ رَقَّى وَ ارْتَقَى
رَحَلُوا لِيَبْقَى ذِكْرُهُمْ مُتَوَاتَرٌ
وَ أَتَى الهُدَى مِنْ غُصْنِ أصْلٍ أَوْرَقَا
فَالعَهْدُ يُثْبِتُ للبِقَاعِ جُذُورَهَا
وَ الفَرْعُ زَادَ إلَى الأصُولِ تَعَمُّقَا
فِي حَضْرَةِ الأحْدَاثِ أنْسُ المُبْتَلَى
حَتَّى يُقَزَّمَ حَجْمُ هَمٍّ قَنَّطَا
سُنَنُ الزَّمَانِ تَوَاتَرَتْ وَ تَعَاقَبتْ
وَ تَدَاوُلُ الأيَّامِ يَرْصُدُ مَفْرِقَا
وَ أَتَى الرِّهَانُ بِخَيْرِ طِبٍّ للنُّهَى
أَمَّ البَرِيَّةَ خَاتِمًا نُسُكَ التُّقَى
جَاءَ الرسُولُ مُتَمِّمًا سُنَنَ الهُدَى
وَ مَكَارِمَ الأخلاقِ أحْمَدُ حَقَّقَا
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا وَطِئ الثَّرَى
أثَرُ الخَلائِقِ و النَّسِيمَ تَنَشَّقَا
حَضَنَتْ رِسَالَتُهُ المدَى حَتَّى اسْتَوَى
نُورًا تَدَفَّقَ فِي المَغَاربِ مَشْرِقَا
أمْضَى حَنِيفًا مُسْلِمًا سَيْرًا عَلَى
مِنْهَاجِ ِإبْرَاهِيمَ و السُنَنَ ارْتَقى
مَعَ خِيرَةِ الأصْحَابِ كُلُّهُمُ اعْتَلُوا
قِمَمَ المَنَازِلِ فِى رِضَاءِ حَلَّقَا
هُمْ حَقَّقُوا الإيمانَ صِدْقًا وَ اكْتَسُوا
دِرْعَ الأمَانَةِ حَافِظًا سِيَرَ النّقَا
هُمْ خَصْلَةُ الإخْلاصِ فِي سِيَرِ الوَفَا
وَ أشَدُّ وَصْلاً بِالنَّبِيِّ تَعَلُّقًا
هوَ ذَا وَ كًلُّ بِدَايَةٍ بِخِتَامِهَا
بَعْدَ التَّحِيَّةِ و المُرَادُ تَحَقَّقَا
غُفْرَانَكَ اللَّهُمَّ مِنْ زَلَلٍ أَتَى
والحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ وَفَّقَا
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.