فصيح(أيا سلمان) - أحمد بن محمد حنّان

أهاجرةً أهجرُكِ لي خِصامُ
فقد يأتي بلقيانا المَنامُ

فليتَ الليلُ يُرجِعُ مُقلتيَّ
ويعفو مثلما تعفو الكِرَامُ

حسينةُ مَبْسمٍ وازدادَ جمْرًا
تَطايرَ من ثناياهُ المُدَامُ

لِتُسْكرني فأرقى صَوبَ بدرٍ
وهل للإنسٍ يابدرًا تَمَامُ

ولكنْ لي بما أُسْكِرتُ عذرًا
وعذرًا كيف تنطقُها حُذَامُ

مشيتُ بقافرِ الصحراءِ قلبي
يَدقُّ طبولَهُ فخرًا مَقَامُ

قبورٌ لو أُعَدِّدُها لمادتْ
بنا أرضٌ وأفكارٌ وهَامُ

ولازالتْ مآثرُها تنادي
بآمالٍ ليردفَنا سَنَامُ

إلى دارٍ تنوحُ على ذويها
ويلطُمُ خدَّها شهرٌ وعامُ

أيا سلمانُ والأرواحُ هامتْ
فلا لحْدٌ لترقى أو حُطامُ

فطفلٌ ثُمَّ طفلٌ ثم شيخٌ
على امرأةٍ ولمْ تَبْلَ العِظَامُ

تَطُوفُ ببشْتِكَ المِعطَاءِ طُهْرًا
ويخْفِيها عن البصَرِ اللِّثَامُ

وتَحمِل في جناحيها أماني
فقد كانوا على عشَمٍ وداموا

أيا ملكَ الملوكِ بأرضِ ربٍّ
مضتْ فيها الفراسةُ والحُسَامُ

فدانتْ ثم قُمتمْ في صلاةٍ
وفي عدلٍ تُباغضُهُ اللَّئامُ

تجبَّرتِ اليهودُ مع النصارى
بأقصًى من قداستِه حرامُ

فأهلكتِ البلادَ ومن عليها
وحلَّ الظلمُ فيها والظَلامُ

فمن سيجيرُ أحلامَ العذارى
وأطفالًا يؤرقها الفِطامُ

وأمًّا أو أبًا قُتلا وشيخًا
على آثارِهم قهرا يُضامُ

أحاورُها وأبعدُها بعيدًا
ويجذبها على شفتي الكلامُ

فما واللهِ غيرُكَ ماتلاها
ولو أنَّتْ على يدِهِ الجِسامُ

لقد عظُمَ البلاءُ وليس ظنًّا
إذا ماقلتُ سلمانُ الهُمَامُ

سمعتُ عجيبَ تِحْنانِ الفيافي
تُرجِّعُهُ صدًى نوقٌ تُرامُ

ومن لازالَ في شكٍّ وريبٍ
سيعلمُ حين يُذْهِلُهُ الخِتامُ

وما جئتُ القصيدَ لنَيلِ أمرٍ
ولكنْ قلَّني فيهِ الزِّحَامُ

مشاعرُ شاعرٍ والنَّاسُ مثلي
مشاعرُهُمْ على كمدٍ تُسَامُ

توجَّدُ وجْدَ ليلى حين طافَتْ
على قبرٍ لتوبةَ لا تلامُ

ولولا بعضُ إيمانٍ شهقْنا
كشهقَتِها ليقتُلَنا الغرامُ

© 2024 - موقع الشعر