يا صاحبي - يحيى السماوي

داويتُ جُرحي والزمانُ طبيبُ
بالصبرِ أطحنُ صَخرَهُ وأُذيبُ

لا أدّعي جَلَداً ..ولكنْ للهوى
حُكُمٌ يُطاعُ بشرعِهِ المحبوبُ

أسلَمتُهُ أمري وأعلَمُ أنني
حطَبٌ .. وأما دربُهُ فلَهيبُ

أحببتُهُ حتْماً عليَّ لأنهُ
كُلّي : صِباً وطفولةً ومَشيبُ

جرَّبتُ أن لا أستجيب فعابني
شَرفي .. وهَدّدَ بالخِصامِ نسيبُ

هو من غصوني المورقاتِ جذورُها
هل للغصونِ من الجذورِ هروبُ ؟

حيناً يُنيبُ ضُحايَ عن دَيجورِهِ
غمّاً وحيناً عن ضُحاهُ أنوبُ

عاندْتهُ يوماً فعانَدَ مِعزَفي
لحْني وجفَّ على فمي التطْريبُ

ورأيتُ أن العاشقينَ تعاضدوا
ضدي وقالت بالجفاءِ عَروبُ

كُتِبَ الوفاءُ عليَّ دونَ إرادتي
فاللوحُ قبلَ ولادتي مكتوبُ !

قدْ ثاب لو أنَّ الجنونَ يثوبُ
وأجابَ لو أنَّ القتيلُ يُجيبُ

صبٌّ ولا كالآخرينَ: ضلوعُهُ
نخلٌ ..وأما قلبُهُ فشعوبُ

قدْ كان أقسمَ أن يموتَ على هوىً
وإن استخفَّ بعشقهِ المحبوبُ

ضاقتْ بهِ – قبل الديارِ- هواجسٌ
وتَقاذَفَتْهُ ملاجيءٌ ودروبُ

ما أنْ يُكحّلَ بالشروقِ جفونَهُ
حتى يخيطُ المقلتينِ غروبُ

يمشي بهِ الوَجَعُ المُذِلُّ ويرتعي
دمَهُ اشتياقٌ أنْ يُطِلَّ حبيبُ

تلهو بزورقهِ الرياحُ وتَستبي
أيامَهُ أنّى أقامَ خطوبُ

"ليلاهُ" في حضنِ الغُزاةِ سبيئَةٌ
أما العشيرُ فسيفُهُ معضوبُ (1)

أجَل .. البلادُ نجيبةٌ يا صاحبي
والنخلُ والنهرُ الجريحُ نجيبُ

لكنَّ بعضَ "رؤوسِنا" يا صاحبي
جُبِلتْ على فَسَدٍ فليسَ تثوبُ

غرسوا بنا سُلَّ الشقاقِ فلَيْلُنا
مُتَأبِدٌ … وصباحُنا مَعصوبُ

بتْنا لفأسِ الطائفيةِ مَحطباً
فلكلِّ حقلٍ "سادنٌ" و"نقيبُ"

عِللُ العراقِ كثيرةٌ … وأضرُّها
أنَّ الجهادَ "الذبحُ" و"التسليبُ" (2)

وطنٌ ولكنْ للفجيعةِ … ماؤهُ
قيحٌ… وأمّا خبزُهُ فنَحيبُ

مسلولةٌ أنهارُهُ … ومَهيضَةٌ
أطيارُهُ … ونخيلهُ مصلوبُ

" قومي هموُ قتلوا أُميمَ أخي" ولا(3)
ذنبٌ سوى أنَّ القتيلَ قريبُ

أُكذوبةٌ تحريرنا يا صاحبي
والشاهدان: الظلمُ والتعذيبُ

أُكذوبةٌ حرّية الإنسانِ في
وطنٍ يسوسُ بهِ الجميعَ "غريبُ"

مُدُنٌ تُبادُ بزعمِ أنّ "مُخرّباً"
فيها … وطبع " محرري" التخريبُ (4)

وحشيّةٌ تندى لقسوةِ نابِها
خَجَلاً ضباعُ قفارِهِ والذيبُ

أكذوبةٌ أن يستحيلَ غزالةً
ذئبٌ … وحقلاً للأمانِ حروبُ

مالي أبثّكَ يا نديمَ قريحتي
شجَني وفيكَ من الهُمومِ سُهُوبُ ؟

هل نحن إلا أمةٌ مغلوبةٌ
رأتِ المَشورةَ ما يقولُ مُريبُ ؟

ما نفعُ توحيدِ اللسانِ لأمةٍ
إنْ لمْ تُوحّدْ أذْرعٌ وقلوبُ ؟

هي أمةٌ أعداؤها منها ... متى
طارَ الجناحُ وبعضُهُ معطوبُ ؟

من أين يأتينا الأمانُ و "بعضنا "
لِعدوّنا والطامعينَ ربيبُ ؟

ومُدَجّجٍ بالحقدِ ينْخرُ قلبهُ
ضَغَنٌ إذا قادَ الجموعَ لبيبُ (5)

حازَ العيوبَ جميعها فكأنه
مأوىً رأتْ فيهِ الكمالَ عيوبُ

أعمى البصيرةِ فيهِ من خُيلائِهِ
مسٌ ومن صدأ الظنونِ رسيبُ

إنْ قامَ يخطبُ فهو "عنترةُ" الفتى
و" الحارسُ القوميُّ" و "الرعبوبُ"

أمّا إذا شَهَرَ الحسامَ عدوَُهُ
عندَ النزالِ فإنهُ "شيبوبُ" !

وهو "الأديب الفيلسوف " وفكرُهُ
فلسٌ بسوقِ حماقةٍ مضروبُ

هل نحن إلا أمةٌ مغلوبةٌ
فإلى مَ يشكو العاشقُ المغلوبُ ؟

لا بدّ من غَرَقِ السفينِ إذا انبرى
لقيادها " المنبوذُ" و" المجذوبُ" (6)

يا "صالحاً" في الدنيينِ أرحمةٌ
هذا الهوى ؟ أم لعنةٌ وذنوبُ ؟

أجفو نعيمَ المارقينَ وإنْ سعى
لي منهُ صحنٌ بالقطافِ خضيبُ

لو كنتُ خبّاً لأغترفتُ وإنّما
كفّي – كقلبي- زاهدٌ وقشيبُ (7)

باقٍ على هذا الهوى ولو انّه
سببٌ بهِ عاشَ الشقاءَ تَروبُ (8)

ثلثا دمي ماءُ الفراتِ وثلثُهُ
طينٌ بدمعِ المتعبينَ مَذوبُ

شكراً تقي العشقِ باسم صبابتي
" والشكرُ موصولٌ بهِ الترحيبُ"

*****
المعضوب : من لا ناصر له . ومن معانيه الضعيف

إشارة الى الجرائم التي شوهت الوجه الناصع للمقاومة الوطنية المشروعة
تضمين من البيت الشهير

قومي همو قتلوا أميم أخي
فأذا رميت اصابني سهمي

البيت اشارة الى جريمة احتلال الكويت من قبل صدام
(4)إشارة الى جريمة دك المدن العراقية بساكنيها والتي تقوم بها قوات الأحتلال تحت ذريعة البحث عن بعض الأرهابيين

(5)في البيت وما بعده إشارة الى زعيم عربي مفرط النرجسية وضع خطة ارهابية لأغتيال قائد عربي كان قد جند نفسه لخدمة الأمتين العربية والأسلامية .
(6) كثيرا ما تكون بعض القيادات العربية السبب الجوهري لدمار شعوبها وأحتلال أوطانها ولعل النظام العراقي السابق خير مثال

(7) الخب : المخادع ، المراوغ ، الأنتهازي
(8) ما بين الأقواس تضمين من قصيدة الشاعر أحمد الصالح

© 2024 - موقع الشعر