قالت وصفت لنا الرحيق و كوكبهاو صريعها و مديرها و العاصراو الحقل و الفلّاح فيه سائراعند المسا يرعى القطيع السائراووقفت عند البحر يهدر موجهفرجعت بالألفاظ بحرا هادراصوّرت في القرطاس حتى الخاطرافخلبتنا و سحرت حتى الساحراو أريتنا في كلّ قفر روضةو أريتنا في كلّ روض طائرالكن إذا سأل امروء عنك امرءاأبصرت محتارا يخاطب حائرامن أنت يا هذا ؟ فقلت لها : أناكالكهرباء أرى خفيّا ظاهراقالت : لعمرك زدت نفسي ضلّةما كان ضرّك لو وصفت الشاعرا ؟...فأجبتها : هو من يسئل نفسهعن نفسه في صبحه و مسائهو العين سرّ سهادها و رقادهاو القلب سرّ قنوطه و رجائهفيحار بين مجيئه و ذهابهو يحار بين أمامه وورائهو يرى أفول النجم قبل أفولهو يرى فناء الشيء قبل فنائهو يسير في الرّوض الأغنّ فلا ترىعيناه غير الشوك في أرجائهإن نام لم ترقد هواجس روحهو إذا استفاق رأيته كالتائهما إن يبالي ضحكنا و بكاءناو يخيفنا في ضحكه و بكائهكالنار يلتهم العواطف عقلهفيميتها و يموت في صحرائه...قالت : أتعرف من وصفت ؟ فقلت : من ؟قالت : وصفت الفيلسوف الكافرايا شاعر الدنيا و فيك حصافةما كان ضرّك لو وصفت الشاعرا ؟...فقلت : هو امروء يهوى العقاراكما يهوى مغازلة العذارىإذا فرغت من الرّاح الدنانتوهّم أتنّما فرغ الزّمانيعاقرها على ضوء الدّراريفإن غربت ، على ضوء النّهارو يحسب مهرجان النّاس مأتمبلا خمر ، و جنّتهم جهنّمملول لا يدوم على ولاءو لكن لا يدوم على عداءأخو لبّ و لكن لا إرادةوذو زهد و لكن بالزهادهيميل إلى الدّعابة و المزاحو لو بين الأسنّة و الصّفاحو يوشك أن يقهقه في الجنازةو يرقص كالعواصف في المفازهإذا بصرت به عين الأديبفقد وقعت على رجل مريبيعنّفه الصّحاب فلا ينيبو يزجره المشيب فلا يتوبفقالت : جئت بالكم البديعو لكن ما وصفت سوى " الخليع "...و خفت إعراضها عنّي فقلت : إذنهو الذي أبدا يبكي من الزمنكأنّما ليس في الدنيا سواه فتىمعرّض لخطوب الدّهر و المحنيشكو السّقام و ما في جسمه مرضو السّهد و هو قريب العهد بالوسنو الهجر ، و هو بمرأى من أحبّتهو الأسر ، و هو طليق الروح و البدنو لا يرى حسنا في الأرض يألفهأو يشتهيه و كم في الأرض من حسنينوح في الرّوض و الأشجار مورقهكما ينوح على الأطلال و الدمنفقاطعتني : و قالت : قد بعدت بناما ذي الصفات الشاعر الفطن...قلت : مهلا إذا ضللت و عذراربّما أخطأ الحكيم و ضلّاهو من ترسم الجمال يداهفنراه في الطرس أشهى و أحلىلوذعيّ الفؤاد يلعب بالألباب لعبا إن شاء أن يتسلىو يرينا ما ليس يبقى سيبقىو يرينا ما ليس يبلى سبيلييطبع الشّهب للأنام نقوداو هو يشكو الإملاق كيف تولّىأفما ذا من تبتغين و أبغيو صفه ؟ قالت المليحة : كلا ! .....يا هذه إنّي عييت بوصفهو عجزت عن إدراك مكنوناتهلا تستطيع الخمر سر صفاتهاو الروض وصف زهوره و بناتههو من نراه سائرا فوق الثرىو كأنّ فوق فؤاده خطواتهإن ناح فالأرواح في عبراتهو إذا شذا فالحبّ في نغماتهيبكي مع النائي على أوطانهو يشارك المحزون في عبراتهو تغيّر الأيام قلب فتاتهو يظلّ ذا كلف بقلب فتاتههو من يعيش لغيره و يظنّهمن ليس يفهمه يعيش لذاته !!
عناوين مشابه
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.