عصافيرُ أم صبيةٌ تمرحُ؟عليها سناً من غدٍ يلمحُ؟وأقدامها العاريه...محارٌ يصلصلُ في ساقيه.لأذيالهم رفَّةُ الشمألِسرتْ عبرَ حقلٍ من السنبلِوهسهسةُ الخبزِ في يومِ عيدْوغمغمة الأمِّ باسمِ الوليدْتناغيهِ في يومهِ الأوّلِ.كأنّي أسمعُ خفقَ القلوعْوتصخابَ بحّارةِ السندبادْ..رأى كنزهُ الضخمَ بينَ الضلوعْفما اختار إلاهُ كنزاً وعادْوكم من أبٍ آيبٍ في المساءْإلى الدارِ من سعيهِ الباكرِ..وقد زمَّ من ناظريهِ العناءْوغشّاهما بالدمِ الخاثرِتلقّاهُ في البابِ طفلٌ شرودْيكركرُ بالضحكةِ الصافيهفتنهلَّ سمحاءُ ملءَ الوجودْوتزرعُ آفاقهُ الداجيهنجوماً وتنسيهِ عبءَ القيودْعصافيرُ؟ أم صبيةٌ تمرحُ؟أمِ الماءُ من صخرةٍ ينضحُولكن على جثةٍ داميه؟وقبرةٍ تصدحُولكن على خربةٍ باليه؟عصافير؟!بل صبيةٌ تمرحُوأعمارُها في يدِ الطاغية؟وألحانُها الحلوةُ الصافيهتغلغلَ فيها نداءٌ بعيد:حديد عتيقرصاصحديدوكالظلِّ من باشقٍ في الفضاء-إذا اجتاحَ، كالمديةِ الماضيهعصافيرَ تشدو على رابيهترامى إلى الصبيةِ الأبرياءنداءٌ تنشّقتُ فيهِ الدماء"حديدٌ عتيق.. حديدٌ عتيق! رصا..ص"فحتّى كأنَّ الهواءَرصاص، وحتّى كأنَّ الطريقَحديدٌ عتيق.وينقضُّ كالمعولِ الحافرصدىً راعبٌ من خطى التاجر.لهُ الويلُ.. ماذا يريد؟"حديدٌ عتيق.. رصاص.. حديد!"لكَ الويلُ من تاجرٍ أشأمِومن خائضٍ في مسيلِ الدمِومن جاهلٍ أنَّ ما يشتريه-لدرءِ الطوى والردى عن بنيه-قبورٌ يوارونَ فيهِ بنيه!"حديدٌ عتيقرصا..صحديد..."حديدٌ عتيق لموتٍ جديد!"حد..يدٌ"لمن كلُّ هذا الحديد؟لقيدٍ سيُلوى على معصمٍونصلٍ على حلمةٍ أو وريدوقفلٍ على البابِ دونَ العبيدوناعورةٍ لاغترافِ الدمِ"رصا..صٌ"لمن كلُّ هذا الرصاص؟لأطفالِ كوريّةَ البائسين؟وعمّالِ مرسيليةَ الجائعين؟وأبناءِ بغدادَ والآخرين؟إذا ما أرادوا الخلاصحديدرصاصرصاصرصاص!"حديدٌ"وأصغي إلى التاجرِوأصغي إلى الصبيةِ الضاحكينوكالنصلِ قبلَ انتباهِ الطعينوكالبرقِ ينفضُّ في خاطريستار، وكالجرحِ إذ ينزف-أرى الفوهاتَ التي تقصف-تسدُّ المدى- واللظى والدماءوينهلُّ كالغيثِ ملءَ الفضاءرصاصٌ ونار، ووجهُ السماءعبوسٌ لما اصطكَّ فيهِ الحديدحديدٌ ونار، حديدٌ وناروثمَّ ارتطامٌ وثمَّ انفجارورعدٌ قريب، ورعدٌ بعيدوأشلاءُ قتلى وأنقاضُ دار!حديدٌ عتيق لغزوٍ جديدحديدٌ.. ليندكَّ هذا الجداربما خطَّ في جانبيهِ الصغاروما استودعوا من أمانٍ كبار"سلام""حديدٌ .. رصاصٌ... حديدٌ عتيق"ليخلوَ هذا الطريقمن الضحكةِ الثرّةِ الصافيهوخفقِ الخُطى والهُتافِ الطروبفمن يملأُ الدارَ عندَ الغروب؟بدفءِ الضحى واخضلالِ السهوب؟لظى الحقدِ في مقلةِ الطاغيهورمضاءُ أنفاسهِ الباقيهيطوفانِ بالدارِ عندَ الغروبوأطلالها الباليه!"حديدٌ عتيق.. نحاسٌ عتيق"وأصداءُ صفارةٍ للحريق!ومن يفهُم الأرضَ أنَّ الصغاريضيقونَ بالحفرةِ البارده؟إذا استنزلوها وشطَّ المزارفمن يتبعُ الغيمةَ الشارده؟ويلهو بلقطِ المحار؟ويعدو على ضفةِ الجدولِ؟ويسطو على العشِّ والبلبلِ؟ومن يتهجّى طوالَ النهارومن يلثغُ الراءَ في المكتبِ؟ومن يرتمي فوقَ صدرِ الأبِ؟ومن يؤنسُ الأمَّ في كلِّ دار؟أسىً موجعٌ أن يموتَ الصغارأسىً ذُقتُ منه الدموعَ، الدموعأجاجاً ومثلَ اللظى بالفمِ،وأحسستُ فيه اشتعالَ الدمِ"حديدٌ عتيق.. ورعبٌ جديد!" حديدٌ، رصا..ص" لأنَّ الطغاهيريدونَ ألا تتمَّ الحياهمداها، وألا يحسَّ العبيدبأنَّ الرغيفَ الذي يأكلونأمرُّ منَ العلقمِوأنَّ الشرابَ الذي يشربونأجاجٌ بطعمِ الدمِوأن الحياةَ حياةُ انعتاق،وأن ينكروا ما تراهُ العيون:فلا بيدرٌ في سهولِ العراق،ولا صبيةٌ في الضحى يلعبونولا همسُ طاحونةٍ من بعيد،ولا يطرقُ البابَ ساعي البريدببشرى، ولا منزلُيضيءُ الدجى منهُ نورٌ وحيدسخيٌّ كما استضحكَ الجدولُ،ولا هدهداتٌ، ولا جلجلُيرنُّ بساقِ الوليدبأقدامِ أطفالنا العاريهيميناً، وبالخبزِ والعافيه:إذا لم نعفّر جباهَ الطغاهعلى هذهِ الأرجلِ الحافيهوإن لم نذوّب رصاصَ الغزاهحروفاً هي الأنجمُ الهاديه(فمنهنّ في كلِّ دارٍ كتابينادي: قفي واصدأي يا حراب)وإن لم تضوِّ القرى الداجيهولم نُخرسِ الفوهاتِ الغضابونجلِ المغيرينَ عن آسيه..فلا ذكرتنا بغيرِ السِّبابأو اللعنِ أجيالنا الآتيه!سلامٌ على العالمِ الأرحبِعلى الحقلِ، والدارِ، والمكتبعلى معملٍ للدُّمى والنسيج،على العشِّ والطائرِ الأزغبولولا الذي كدّسوا من نضاربه يستضيئونَ دونَ النهارتجوعُ الملايينُ عن جانبيهوينحطَّ في كلِّ يومٍ عليهدمٌ من عروقِ الورى أو نُثاركذرِّ الغبارلما هزتِ الأمهاتُ المهودعلى هوةٍ من ظلامِ اللحودولم تذرفِ الدمعَ عبرَ البحاروعبر الصحارى، نساءُ الجنودولم يبكِ صرعى بنيه الأبُجزوعاً بأن يثكلَ الآخرينولا ساءلَ الأمَّ طفلٌ غرير:"ألا بلدةٌ ليسَ فيها سماء؟"-فلا قاذفاتُ المنايا تغيرولا من شظايا تسدُّ الفضاء-ولا اختضَّ في الصرصرِ اللاجئونولألاءُ "يافا" تراهُ العيونوقد حالَ من دونه الغاصبونبما أشرعوا من عطاشِ الحرابوما استأجروا من شهودٍ كِذابوما صفّحوا بالردى من حصونسلامٌ على العالمِ الأرحبعلى مشرقٍ منهُ أو مغربعصافيرُ؟ أم صبيةٌ تمرح؟أمِ الماءُ من صخرةٍ ينضح؟وأقدامها العاريهمصابيحُ ملءَ الدُّجى تلمح،هتكنا بها مكمنَ الطاغيهوظلماءَ أوجاره الباليهعلينا لها: إنها الباقيهوأنَّ الدواليبَ في كلِّ عيدسترقى بها الريحُ.. جذلى تدورونرقى بها من ظلامِ العصورإلى عالمٍ كلُّ ما فيهِ نور"رصاصٌ، رصاصٌ، رصاصٌ، حديدٌ، حديدٌ عتيق"لكونٍ جديد
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.