بُكائِيّة

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

بُكائِيّة - محمد الزهراوي

بُكائِيّة
 
يهْواها الخطْوُ..
وتَهْواها الأمْكِنَةُ
وطُيورُ البَحْر.
ها النّهارُ..
الماءُ الزُّلالُ
وَ الكَوْثَرُ المَوْعود.
إلَيّ تسْعى في
رَشاقَةٍ وحَياءِ
دمْعَةِ باكٍ.
تهُزّني يا رائِياً..
يتَمادى لُهاثِيَ
في برّيّةِ هذا
العالَمِ حتّى أرى
نارَ المََجوسِ.
امْرَأةٌ مِنَ الغاباتِ
أوْ قلْ هِيَ الرّيحُ.
أنا وتَرٌ هارِبٌ
أتَيْتُ أُكاشِفُها
في الظّلامِ المُتاحِ.
دائِماً غاِئِبَةٌ ..
إلّا فيما أعْلَمُ.
ما مِن أحَدٍ..
إلاّ وتَشَمّمَ فِيّ
عَبيرًها المَخْمورَ.
هِيَ جزْءٌ ..
مِن جوْهَري
وتُشْرِقُ ..
مِنّي أيْضاً.
منَحْتُها قُبْلَةً
وَ أهْدَتْني في
المَجاهِلِ خاتَماً
تجيءُ ..
بِوَجْهٍ وَدودٍ
وبَسْمَةٍ مُحْتمَلَة.
إذْ أنا الجَريحُ
مِنْ هذا البَيْنِ ..
وأنْتَظِرُ أنْ تًمُرّ.
أنتَظِرُ رُسُوَّها
الأخيرَ ..
كمَوْجَة سِحْر.
هِيَ خاصِرَةُ
البَحْرِ اتّسَعتْ ..
تكْشفُ لِيَ
مَرْمرَها الأبْيَضَ.
أشُمُّ لَها عبَقَ
جزُرِ الهِنْد ..
امْرَأةٌ مُزرْكشَة
بالبَرْقِ وَداِئِماً ..
تطْوي الخَيْمَةَ.
في كُلِّ فَجٍّ ..
تَهْتَزُّ صَهيلاً
وَخُيولُها الغُرُّ
تَمْخُرُ بِها البيدَ.
كشَيْءٍ مُبْهَمٍ ..
تخْفرُها الظِّلالُ
وَتخْطرُ في وَهْمي.
هِيَ تِلْكَ ..
في اللّوْحَةِ تُباهي
الكوْنَ بِظَفائِرٍها
وعَلى مَهَلِ..
تَنْسَحِبُ كغَيْمَةٍ
تُغادِرُ السِّياجَ.
أرى نَرْجِسِيّتي
فيها أجْملَ مِمّا
أرى في المَرايا.
فلا أشبَعُ مِنْ
بُكائِيّةِ الشّاعِر ومِن
البَياضِ المُعْشِبِ..
وَيْحَ نفْسي أمامَ
جيدِها في
خُلْجانِ المَلَكوتِ.
عنْ هذهِ
العُزْلَةِ تفْرِضُ
علَيّ الجِزْيَةَ.
وَحْدي على حجَرٍ
أُواجِهُ الَمصيرَ ..
دائِماً تهِلُّ صاخِبَةً
وكُلّما رَأيْنُها أو
افْتقَدْتُها..
أتذَكّرُ الحانَةَ.
أتوَسّمُها في العُمْقِ
راسِخَةَ الأوْتادِ
وَأنا معَها..
دائِماً في مَنْفى
© 2024 - موقع الشعر