" نحنُ لسنا مُجرَّد صورٍ تنبِضُ بنغصِ المحيا، ولا كُنا أطوارًا من التبدُّلِ بين مِهادٍ نستقي من أرحامها وسائل الدِعَةِ والهدوء، وبين لحودٍ تستقبلنا رُقود، حيث تُهالُ علينا العبرات، وننضوي بسكونٍ في طيَّات صحائفِ الذكريات، تطوينا السنوات لنمضي أرقامًا خاوية، أو أشكالًا مُغبَّشةٍ من واقعٍ موازٍ، يستحيل مع توالي الأيام خيالًا جميلًا، يلفُّه سِحرُ الشوقِ، وتدفعنا إليهِ أمواجُ الحنين، أو الصُدف البحتة، وإن الوجود كينونةٌ عُظمى، تتخطَّى في سرديتها حدود الجسد الفاني، وأطوار العالم المادي، وتنسلُّ منها إلى فيوضِ الذكرى، ومنابعِ القلوب، ونحنٌ أطوار الصلصالِ العالقةِ في حاضرٍ مُتعقِّدٍ من سمومِ الحداثةِ، مُتقِّدٍ بالتحدياتٍ الجسام، يجب أن نحوزُ ما بدى لنا أنه الدُنيا، وذلك باحتضان ماضينا، ومُخامرةِ حاضرنا، ومدِّ شُرُعِ عزائمنا النافرة، للتجديفِ بوجهِ المجهول، وأنا، ذلك الشكل السيَّارُ في أرض الله، المُتمرِّدُ على الأصوليَّاتِ والأصنامِ الناخرة، أفِتُّ عَضُدَ المشاقِ بطولي، مُستعينًا بربي، مُسامِرًا روح ناصحي اللَّجوج، وأشهمِ الفيوُج أبي، الذي تخطَّى بفضائلهِ، وعبر بشمائلهِ، وبسيول مشاعرهِ الدافقة الأبواب الماديَّة للاندثار، إلى روضِ الخلودِ مُتكئًا فيها على آرائكِ الفكرِ، شاخصًا ببصرهِ نحو فؤادي، يُخاطِبه، ويُنجيهِ من حمائمِ الدنيا، ومن طُمم الخيابِ والانكسار، بحُسنِ غرستهِ، وسدادِ زرعتهِ، ومحيا يُشرقُ بالنضارةِ، في ركابٍ تحفُّهُ ضياء الهيول"
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.