قصيدة أنوار المصابيح على نهج بردة المديح - محمد عمر عثمان

... قصيدة أنوار المصابيح
على نهج بردة المديح ....

نَظرتُ نحوَ هِلال الأشهُر الحُرُمِ
لمَّا بَدَا نُورُهُ فِى اللَّيلِ لِلأُمَمِ

ولاح فى خَاطرى طيفٌ لكاظمةٍ
و مَروةٍ والصَّفَا والبَيتِ والحَرَمِ

أثار فِى مَهجَتِى شَوقاً لِمُلْتَزَمٍ
يَطِيبُ فِيهِ دُعَاءٌ مِن ذَوِى الهِمَمِ

و زَادَ فِى بَاطِنِى مَيلٌ إِلَى سَفَرٍ
إِذ هَبَّتِ الريحُ مِن تِلقَاءِ ذِى سَلَمِ

و حَرَّكَت هِمَّتِى نَحوَ المَسِيرِ إِلَى
رِحَابِ طَيبَةَ ذَاتِ الخَيرِ و النِّعَمِ

فَمَا قَدَرتُ عَلَى التِّرحَالِ مِن بَلَدِى
لِرَوضَةِ المُصطَفِى ذِى الجُودِ والكَرَمِ

لَكِنَّنِى كُنتُ إِذ أَهوَى زِيَارَتهَا
و أَهوَى زَيَارَةَ خَيرِ الخَلقِ كُلِّهِمِ

أَتلُو مَدِيحِى لَهُ فِى لِيلِ قَاهِرِةٍ
يَحلُو المُقَامُ بِهَا يَاسَاكِنَ الأَكَمِ

و مَا مَدِيحِى لِخَيرِ الخَلقِ مُنكَتِمُ
فَاسمَع مَدِيحِى سَمَاعَ الحَاذِقِ الفَهِمِ

تَزَايَدَ النُّورُ فِى الأَكوَانِ قَاطِبَةً
فِى يَومِ مِيلَادِ خَيرِ العُربِ والعَجََمِ

وطَارَ جَبرِيلُ فِى الآفَاقِ مُبتَهِجَاً
وغرَّدَ الطيرُ فى الأَجواءِ بالنَّغَمِ

وصَارَتِ الجِنُّ بَالأَخبَارِ نَاطَقَةً
وصَاحَ أَبلِيسُ مِن حُزنٍ ومِن أَلَمِ

و أَصبَحَت أَوَراقُ الوَردِ نَاضَرَةً
تَلَوحُ فِى السَّهلِ بِينَ الزَّهرِ والخَزَمِ

و أَقبَلَت ريحُ خيرٍ تَحمِلُ الأرج
وتنشرُ الطيبَ فى أرجَاءِ مُلتَزَمِ

وأَتِى رَبِيعٌ بِذِكرَى يَومِ مَولِدهِ
و طاب مُبتَهِجٌ بِالمَولِدِ الفَخِمِ

وفَازُ مُحتفل لم يخف فرحته
بين الأنام بذكرى مولد العلم

يَالائِمِى لاتَلُمنِى فى مَحبَّتهِ
حُبِّى لَهُ فِى فُؤَادِى غَيرُ مُنفَصِمِ

لو كُنتَ تعرفُ قَبلى لَوعةِ المهَج ِ
عَلَى هَواىَ لخيرِ النَّاس لم تَلُمِ

قَلبِى يَتُوقُ إلى وصلٍ يجودُ بهِ
خير الخلائق هَادِى خِيرة الأُمَمِ

ويَسِيلْ دَمعِى عَلَى الخَدٌينِ مِن لَهَفٍ
لروضةِ الْمُصطَفِى ذى العِزِّ والهِمَمِ

وأَرتَجِى مِنهُ بِرَّاً حِينَ أَمدَحُهُ
فَإِنَّهُ بَحرُ جُودٍ فَائِضُ الكَرَمِ

مُحَمَّدٌ عَلَمٌ جَلَّت رِسَالَتُهُ
وأَشرَقَت شَمسُهَا لِلنَّاسِ كُلِّهِمِ

مُحَمَّدٌ سَيِّدٌ تَمَّت مَكَارِمُهُ
وسَمَت مَراتبهُ فِى الجُودِ والكَرمِ

مُحَمَّدٌ طَاهِرٌ دَلَّت مَنَاقِبهُ
عَلَى مَكانَتِهِ فِى النَّفعِ لِلنَّسَمِ

مُحَمَّدٌ عَابِدٌ طَابَت عِبَادَتُهُ
وكَانَ يَجهَرُ بَالقُرءَانِ فِى العَتَمِ

مُحَمَّدٌ شَافِعٌ تُرجَى شَفَاعَتُهُ
يَومَ القِيَامَةِ لِلأَقوَامِ وَ الأُمَمِ

مُحَمَّدٌ نَاصِحٌ فَاقَت هِدايَتهُ
هِداية البدر بالأنوارِ فِى الظُلَمِ

مُحَمَّدٌ عَالِمٌ أهدَت مَعارِفُهُ
إِلَى العُقُولِ إِفَادَاتٍ مِنَ الحِكَمِ

وَ لَيتَنِى كُنتُ مِن أَرقى صَحابتهِ
فى عَامِ هِجرتهِ من مَوطِنِ الحَرَمِ

و نَاصَرتُ مِلَّتَهُ فِى ظِلِّ رَايَتِهِ
وَحاربتُ أَعدَائَهُ الداعينَ للجُرُمِ

و مَدَحتُهُ بِقَصِيدٍ فَوقَ مِنبَرِهِ
فِى لَيلَةٍ مِن لَيَالِى الأَشهُرِ الحُرُمِ

و لعَلَّنى فى صَباحٍ عِند مسجده
أَقُولُ فِى صَادِقِ الأَبيات و الكلمِ

ياسيِّدى يَا أَبا الزهراءِ خُذ بيدى
فإنَّ قلبى مِنَ العِصيانِ ذو سَقَمِ

وخُصنى بدعاءٍ مِنكَ ياسَندى
يَعفو به عَن ذُنوبى واسعُ الكرَمِ

فقلبى يُحبكَ حُباً أنتَ تعلمهُ
ولَستُ أُخفِيهِ فِى الدُّنيَا عَنِ النَّسمِ

وتَبلى عِظامى ولاتبقَى مَعالمُها
وحُبكَ فى فُؤادى غيرُ منصرم

ويَبقَى قَصِيدِى وَلَاتَخفَى مَدَائِحُهُ
عَنِ المُحِبِّينَ أهلِ الذَّوقِ والحِكَمِ

مَولاى صلِّ وسلِّم دائِماً أبداً
عَلىَ الحبيبِ و أهل الحُبِّ كُلِّهمِ

وانشُر عَلَى رَوضِةِ المُختَارِ قدوتنا
أَرِيجَ مِسكٍ أَصِيلٍ طَيِّبٍ عَمِمِ

واغفِر لِنَاظِمِ بُردَةِ المَدِيحِ بِمَا
أَبدَاهُ فِى جُملَةِ الأَبيَاتِ من كَلِمِ

واعفُ عَن مَادِحِى المُختَارِ ذى الكرم
و جُد لهُم بالهَنا و الخَيرِ والنِّعَمِ

خادم شعراء المديح محمد عمر عثمان
أحدث تعديل فى ٧/ ٩ / ٢٠٢٤

© 2024 - موقع الشعر