(لقد كان نبأ وفاة شيخي وأستاذي الجليل الحبيب أبي إسحق الحُوَيني كالصاعقة علي قلبي. والذكريات التي عشتُها معه لا تنسى. وتلمذتي على دروسه ما كان مرئياً حياً منها وما كان مسموعاً لا تكاد تُفارق جوارحي ولا ذاكرتي. وكان من فضل ربي أن التقيتُ الشيخ في دار غربتي ، وأكلتُ وشربتُ معه ، وأهديته سبعة دواوين من شعري ليتصفحها ويغربلها ، ويرشدني إلى الأخطاء الواردة فيها. وإذ مات وحزنت لموته ، فها أنذا أترجم حزني عليه معلقة مأساوية تجاوزتِ السبعين بيتاً. أعود في رِتم هذه القصيدة الحزينة إلى ابن عبدون الفهري – رحمه الله تعالى – وهو من شعراء العصر الفاطمي حيث يقول في قصيدته (البسامة) التي ندب فيها بني مسلمة المعروفين ببني الأفطس. وذكر فيها أخبار الملوك الغابرين ، ويبكي مآثرهم:-
الدَّهرُ يُفجِعُ بَعدَ العَينِ بِالأَثَرِ
فَما البُكاءُ عَلى الأَشباحِ وَالصُوَرِ؟

أَنهاكَ أَنهاكَ لا آلوكَ مَوعِظَةً
عَن نَومَةٍ بَينَ ناب اللَيثِ وَالظُفرِ

ورأيت بعد دراسةٍ أن هذا الرتم الحزين يناسب تأبيني لأبي إسحق الحويني رحمه الله تعالى. وقصيدتي أقدمها لنفسي ولأستاذي ولأمتي المسلمة ولمصر وللعالم بأسره ، تأ

© 2025 - موقع الشعر