عِبْرَةُ الْهِجْرَةِ

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في المناسبات والاعياد، 83، آخر تحديث

عِبْرَةُ الْهِجْرَةِ - أشرف السيد الصباغ

تَوَالَتْ عَلَيْنَا سِنُونَ الْعِبَرْ
بِهِجْرَةِ نُورِ الْهُدَى وَالْفِكَرْ
 
إِذَا مَا قَضَى رَبُّنَا أَمْرَهُ
فَبِالصَّبْرِ نُصْغِي لِحُكْمِ الْقَدَرْ
 
قَذَى الشِّرْكِ أَضْحَى يَسُوسُ الدُّنَا
تَعُجُّ الْحَيَاةُ بِهِ وَالْبَشَرْ
 
دَعَا لِلْهُدَى قَوْمَهُ لَمْ يُجِبْ
"بَنُو هَاشِمٍ" لِلنِّدَا أَوْ "مُضَرْ"
 
وَيَدْعُو "أَبُو لَهَبٍ" بِالرَّدَى
فَتَبَّتْ يَدَاهُ لَظًى فِي سَقَرْ
 
وَعَانَقَتِ الْأَرْضُ وَحْيَ السَّمَا
فَمَا ضَلَّ قَلْبٌ دَنَا أَوْ بَصَرْ
 
وَأَعْتَابُ مَكَّةَ تَبْكِي لَهُ
وَحُزْنُ الْحَبِيبِ يَفُتُّ الْحَجَرْ
 
وَ"صِدِّيقُ" أُمَّتِهِ صَاحِبٌ
بِخَيْرِ خَلِيلٍ يَهُونُ السَّفَرْ
 
طَوَى اللهُ لِلرَّكْبِ جَوْفَ الْفَلَا
وَجَفْنُ الرَّيَاحِ غَضَى فِي حَذَرْ
 
"عَلِيٌّ" يَنَامُ عَلَى فَرْشِهِ
وَمِنْ حَوْلِهِ يَشْرَئِبُّ الْخَطَرْ
 
وَ"أَسْمَاءُ" تَحْمِلُ زَادَ الرِّضَا
بِعَزْمٍ وَ"عَامِرُ" يُخْفِي الْأَثَرْ
 
وَتُغْرِي "سُرَاقَةَ" نُوقُ الْمُنَى
فَسَاخَ الْجَوَادُ بِهِ فِي الْحُفَرْ
 
فَقَالَ "النَّبِي": إِنْ تَرُدَّ الْعِدَى
سَتُهْدَى سِوَارًا لِكِسْرَى، انْبَهَرْ
 
وَغَارُ "حِرَاءٍ" رَوَى مَا جَرَى
وَقَلْبُ الزَّمَانِ شَدَا بِالْخَبَرْ
 
يَقُولُ الصَّدِيقُ بِنَارِ الْأَلَمْ
يَخَافُ الْأَذَى مِنْ عَدُوٍّ غَدَرْ
 
إِذَا أَبْصَرَ الْقَوْمُ تَحْتَ الْقَدَمْ
رَأَوْنَا، فَقَالَ النَّبِي: لَا ضَرَرْ
 
فَمَا بَالُكَ اثْنَانِ ثَالِثْهُمَا
إِلَهُ الْوَرَى كَفَّ مَنْ قَدْ كَفَرْ
 
وَمِنْ بَيْنِ أَنْصَارِهِ "خَالِدٌ"
يَضِيفُ الْكَرِيمَ بِعَيْنٍ تَقَرْ
 
أَقَامَ الشَّرِيعَةَ فِي "طَيْبَةٍ"
عَلَى أُسُسٍ مِنْ نَفِيسِ الدُّرَرْ
 
فَأَحْيَا الدُّنَا وَبَنَى مَسْجِدًا
وَآخَى "الصَّحَابَةَ" بَدْرَ السِّيَرْ
 
وَأَبْقَى الْيَهُودَ عَلَى عَهْدِهِمْ
فَخَانُوا فَأَجْلَاهُمُ وَانْتَصَرْ
 
فَمَا أَجْمَلَ الْعَيْشَ فِي هَدْيِهِ!
وَهَدْيُ النَّبِي حِصْنُ مَنْ قَدْ صَبَرْ
 
فَيَا هِجْرَةٌ أَنْتِ وَجْهُ الزَّمَنْ
وَبَدْرُكِ فِي كُلِّ حِينٍ زَهَرْ
 
وَهَدْيُ نَبِينَا سَيُحْيِي الدُّنَا
عَلَيْهِ صَلَاةٌ تُضِيءُ الْقَمَرْ
 
شعر
أشرف السيد الصباغ

مناسبة القصيدة

مَعَ إِشْرَاقَةِ كُلِّ عَامٍ هِجْرِيٍّ جَدِيدٍ، يَهِلُّ هِلَالُهُ، وَيَبْزُغُ نَجْمُهُ، وَيَطْلُعُ فَجْرُهُ، وَتُشْرِقُ شَمْسُهُ. تَأْتِي أَحْدَاثُ الْهِجْرَةِ؛ لِنَسْتَلْهِمَ مِنْهَا الْعِبْرَةَ. وَمِنْ أَعْظَمِ دُرُوسِهَا، وَأَنْفَعِ عِبَرِهَا. الاسْتِقَامَةُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، هَذِهِ سَبِيلُ مَنْ طَلَبَ النَّجَاةَ مْنَ الْهُوَّةِ. وَالْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ مُطَالَبٌ أَنْ يُسْهِمَ فِي تَشْيِيدِ صَرْحِ هَذَا الدِّينِ الْمَجِيدِ، بِرَفْعِ رَايَةِ التَّوْحِيدِ. فَحَرٍيٌّ بِكَ أَنْ تَكُونَ لَبِنَةً فِي بُنْيَانِهِ، زَهْرَةً فِي بُسْتَانِهِ، قَطْرَةً فِي فَيْضِ بَحْرِهِ، ذَرَّةً فِي بُقْعَةٍ مِنْ أَرْضِهِ، جُنْدِيًّا فِي جَيْشِهِ. فَكُلُّ مُسْلِمٍ لَهُ دَوْرُهُ وَفْقَ مَا مَنَحَهُ اللهُ مِنْ مِنَحِهِ. وَتَأْتِي أَحْدَاثُ الْهِجْرَةِ لِتُؤَكِّدَ فَعَالِيَّةَ الْمُسْلِمِ وَإِيجَابِيَّتِهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا. وَتَأَمَّلْ أَدْوَارَ الْهِجْرَةِ: "عَلِيٌّ" يَنَامُ فِي الْفِرَاشِ، وَ"أَسْمَاءُ" تَحْمِلُ الطَّعَامَ، وَ"عَامِرٌ" يُخْفِي الأَثَرَ، وَ"مُصْعَبٌ" لأَهْلِ الْمَدِينَةِ سَفِيرٌ، وَ"أَبُو بَكْرٍ" فِي الرِّحْلَةِ خَيْرَ رَفِيقٍ، وَ"خَالِدٌ" يَسْتَضِيفُ نُورَ الْبَشَرِ. وَمَا بَيْنَ الْحِينِ وَالْحِينِ، يَهْتِفُ قَلْبِي بَيْنَ ضُلَوعِي: مَا قَدَّمْتَ لِهَذَا الدِّينِ؟ (بحر المتقارب).
© 2025 - موقع الشعر