أقِلوا من اللوم! - أحمد علي سليمان

ضحيّة حُسنِها والحسنُ يأسرْ
وشَهدُ رِضابها مسكٌ وعنبرْ

وقامتها البهية لا تبارى
ووجهٌ مِن شُعاع الشمس أنور

وقدٌ ماسَ فوق الأرض تِيهاً
فأبرز مِن بَهاها ما تيسّر

وطرْفٌ يفتنُ الألبابَ حُسناً
ولحظ العين كالجمر المُسعَّر

وجيدٌ قد ترصّع باللآلي
وعِقدٌ مِن يواقيتٍ وجوهر

وكفٌ بالخِضاب ازداد لطفاً
ولونُ خِضابه زاهٍ معصفر

وشعرٌ فوق هامتها رسِيلٌ
توشّحَ بالسنا في خير منظر

غدوتَ لحُسن طلعتها أسيراً
وطيفُ جمالها ينأى ويَخطر

تقودُك نحو ما تهوى ذليلاً
فهل باتتْ لهذا العبد قيصر؟

وبعدُ تقول: يا قومي أقِلوا
من اللوم الذي قد كنتُ أحذر

وتلتمسُ الترفق مِن عشير
لكَمْ نصح العَجول ولم يُقصّر

وكم أغراك بالذكرى احتساباً
وندّد بالعواقب ثم أنذر

ولم يبخلْ عليك بأي وعظٍ
وبيّنَ عامداً ما كان يُضمِر

قد امتحن الحياة ، وخاض فيها
ودينُ الله للأبرار مصدر

فلم تسمعْ لمَا قلنا بتاتاً
كأن النصحَ عند الصبّ منكر

ووحدك قد فجعت بها لتحيا
كسيرَ القلب مبتئساً تفكر

فلما ضقت ذرعاً قلت: كُفوا
وأنت بما تعاني اليوم أخبر

ولم نذنب لتتهم النوايا
وتشتمنا وتطعننا وتهجر

وتسْرفَ في الخصام ونحن أهلٌ
ولو راجعت نفسك كنت تعذر

يمينَ الله لم نشمت فهوّنْ
عليك لأن ذا أمرٌ مُحيّر

وأدركْ من حياتك ما تبقى
وجففْ مِن دموعك ما تحدّر

وزايلْ مِن أمورك ما تقضّى
لتنسى عاجلاً ما أنت تذكر

ولا تسأمْ ستنقشعُ الدياجي
وكن مستمسكاً بالحق واصبر

ولا تيأسْ وجالدْ ما تقاسى
وبالتقوى تعالجُ ما تعسَر

وما صعُب القرارُ عليك يوماً
وفي هذا البلا أنت المخيّر

فإمساكٌ بمعروفٍ وعدلٌ
وأخلاقٌ لتصلحَ ما تدمّر

أو التسريحُ كي يرتاحَ كلٌ
ورب الناس يُخزي مَن تجبّر

ولست تلامُ إن طلقت هذي
إذا كانت تميلُ إلى التهوّر

وكيف تحب عِيشتها وترضى
بحال دائم البلوى مُكَدّر؟

نصحنا ، فاتبع أحلى الوصايا
ولا تقل: الشقا أمرٌ مقدّر

تزوّجْ غيرها فلعل أخرى
تعوّضك الذي قد كنت تخسر

© 2024 - موقع الشعر