الأربعينية الشاملة

لـ عمر صميدع مزيد، ، في غير مصنف، 37، آخر تحديث

الأربعينية الشاملة - عمر صميدع مزيد

لستُ ساخِطاً أو مُذِمَّاً للنَّوائبِ
فخِتامُ الأواخرِ حمدٌ للعواقبِ
 
ومن تتبَّع بالخباثةِ كل عثرةٍ
يجِدُها في حالهِ قبل الرَّاغبِ
 
ومن أفرط بلسانهِ على غيرهِ
يعِش حقِيراً كعِيشةِ الطحالبِ
 
فإن صحِبتَ الورَى نِلتَ الرِّضا
وإن سخطتَ فلستَ بالصَّاحبِ
 
كالغيثِ عند الأطيابِ رحمةٌ
وعند الحُسَّادِ نكباتُ الحاصبِ
 
دارت عقارِبُهم علينا وما كانت
لتدور على الحاسدين عقاربي
 
وما علِمتُ أنَّ الجُهلاء توثَّبوا
لسفهي وسفهِ الزَّمانِ الواثبِ
 
فحُسن ظنِّي عند العدوِّ فضلٌ
ولستُ بفضلِ ظنِّي بالتَّائبِ
 
والله خصني بالموهبةِ دونهم
ووهبني من فضلهِ بالمواهبِ
 
والحمدُ لله على عافيةِ العقلِ
فلن تُوهبَ إلَّا بشُكرِ الواجبِ
 
...
وشوقي للطَّيِّبين إذا استحوا
كشوقِ المُحبِّ للقاءِ الحبائبِ
 
وما كان لقاءَ الأحبَّةِ إلَّا دواءً
يُداوي وِدادَ الأباعدِ والأقاربِ
 
مثل سحابٍ تدفَّق عن رعدهِ
ليرويَ الفيافي بالغمامِ الحالبِ
 
فأيامنا يحكمها الفراقُ الجائر
بسهمِ الزَّمانِ وبِغرزهِ الصَّائبِ
 
ولرُبَّما صادفت بعض السِّهامِ
مُحِباً مُولَعاً بحسناءِ الرَّبائبِ
 
التي نهبت منَّا ورد الخُدودِ
كأنَّها تنهب لُبَّ الفُؤادِ النَّاهبِ
 
والتي خُصَّت بحُمرةِ الوجنتينِ
كالزَّهرِ فوق خُضرةِ الخاصبِ
 
والتي سقتني مرَّةً في الصَّباحِ
فنجانُ قهوةٍ كالذَّهبِ الذَّائبِ
 
وما طعِمتُ بسقيها إلَّا شهداً
في ديارها وبسوسنِها الرَّاهبِ
 
فشَرِقتُ من طيبِ طبعِها حتى
شَرِقتُ من عذبِ رِيقها الساربِ
 
والتي إن همست قال سامِعها
أهمسُ غِناءٍ أم همس الكواكبِ
 
حتى حُسنها المليئُ بالغرائبِ
ترمي القلُوب بسحرِ العجائبِ
 
وكلَّما رمشت بعينيها وتبسَّمت
يتجمَّد جفنيها عند الحواجبِ
 
هي الهناءُ لمن حظي بنظيرِها
وليس لنظيرِها حطٌّ عند الكاتبِ
 
فالكلُّ قد يهوَى نجومُ السَّماءِ
والكلُّ قد يختلف في المذاهبِ
 
حتى إذا وصلوا إلى الشَّمسِ
عادوا بخيبتهِم عند الغَياهبِ
 
فلا الأرضُ تقبلُ السَّكن وحدها
ولا الشَّمسُ وحولها كلُّ الكواكبِ
 
هكذا هي الدُّنيا وعوائِدها التي
تُجانبُ كل مُجدٍّ لها بالحاجبِ
 
فلن تطيب الدُّنيا لمن يُودها
إلَّا بالصَّبرِ الجميلِ على النَّوائبِ
 
...
انقرضت أُسُودُ الأقصى وآ أسفاه
وبالَ في حرمِها نجس الثعالبِ
 
كيف نَنسها والظُّلمُ فيها مُنتصِرٌ
والحقُ مسلُوبٌ ومُنهزِمٌ كالهاربِ
 
فما بقى غير أن تنهض وحدها
وإخوتها أصبحوا مع الغواصبِ
 
لم تبكي يوماً على قبرِ الشهدا
ولكنَّها بكت على لذغِ الأقاربِ
 
فيا مالك المُلكِ وحدكَ القادرُ
أن تنصر المغلوب على الغالبِ
 
...
ولا الغِنَى يأتي ولا الفقرُ يرحلُ
ولا الحميمُ يُودُّني ولا بالصَّاحبِ
 
والبهائمُ ترعى بأرضها ما شائت
ونحنُ نرعى من أجلِ الغاصبِ
 
أنا الشَّاعرُ المُعدمُ بين التُعساءِ
أسألُكَ اللَّهُم العون من المتاعبِ
 
فالتشرق الأرضُ بنُورِ ربِّها الذي
بعث رسُولهُ ليُقصِينا عن المصاعبِ
 
والذي صنع الأمجاد في تاريخنا
وجعل دين الإسلامِ أوَّل المراتبِ
 
فالحمدُ لله على نعمةِ الإسلامِ
ولا يرضى بالإسلامِ سوى العائبِ
...
 
أبوفراس / عمر الصميدعي
1 ديسمبر 2022
مراجعة الأستاذة الفاضلة /
نزهة ابراهيم عبدالرحمن
مع خالص الاحترام والشكر
© 2024 - موقع الشعر