تلاقى آل جفنة مع تنوخ - حامد حسن معروف

حنوتُ على ثراكَ مع الحزانى
أفجِّرُ عندهُ كبدي حنانا
 
فطالعني وراء القبر طیفٌ
حبيبٌ كدتُ أبصرُه عيانا
 
سهرتُ ، وغارَ من جفنيَّ قلبي
على أمل الدُّنوِّ ، وما تدانی
 
ذكرتُكَ في النَّديِّ وأيُّ ذكرى
توجَّد عندها كبدي ، وعانی ؟
 
ألستَ أبرَّنا عهداً وأوفى
و أكثرنا هدوءاً، واتِّزانا؟
 
وأثبتنا لدى الجُّلَّى فؤاداً ؟
وأصدق من عرفتُهُم لسانا ؟
 
ولم تكن الوزارةُ غيرَ نهج ٍ
سموتَ به اختباراً وامتحانا
 
قويمٌ ، لا ترى عوَجاً ولكنْ
صراعُ الدَّهرِ أكسبك المِرانا
 
تذودُ عن القضيَّة غير وان ٍ
وغيرك إن تعهَّدها توانى
 
تساندُ - ما استطعتَ - مسارَ شعبٍ
کبا زمناً ، ولستُ أقول : هانا
 
وتستبق اللِّداتِ ولا تُجارى
وتحرزُ في المسابقةِ الرِّهانا
 
شبابٌ كالصَّباحِ إذا نظرنا
مُغاصبة إلى الزَّمنِ اتِّقانا
 
تفانى في الذِّيادِ وكلُّ حرٍّ
إذا غمزوا عقیدتَه تفانی
 
رمالُ نفوسنا ظمأى صحارى
وغيثُ أبيكَ خضَّلها جنانا
 
ملاذُ الطَّالبينَ إذا نزلنا
بساحتهِ - علی ظمأٍ – سقانا
 
إذا سكبَ الحديثَ تناهبْتُه
مسامعنا اشتهاءً وافتِتانا
 
يرفُّ على العطاشِ نديَّ ظلٍّ
وفي أذان سُمَّره أذانا
 
تساوى فيه من قرأَ " المثاني "
إذا صلَّى ، و من قرأ " الأبانا "
 
فأتلعَ نحوَه التَّاريخُ جيداً
وباهتْ " بانیاسُ " بهِ الزَّمانا
 
تلاقينا علی "غسَّان" داراً
ووحَّدت العروبةُ منتمانا
 
تلاقی "آلُ جفنةَ" معْ "تنوخ ٍ"
هناك ، وطيبَ اللهُ المكانا
 
لكم عهدٌ علی " بغدادَ " .. حلَّى
بهِ التَّاريخُ مفرقَهُ ، وزانا
 
ألستم خيرَ من وزروا وكنتُمْ
حسامَ ملیکھا ... والصَّولجانا ؟
 
وفوقَ الشاطيءِ العطرِ المندَّى
أعاد الدَّهرُ ثانيةً لقانا
 
فنجلُ "النَّاسخ ِ المأمونِ عیسی"
تعهَّدَ إرثَ والدِه ، وصانا
 
وهاجرَ "بانياسَ" و ربَّ نسرٍ
لأمرٍ شاءَهُ هجرَ القِنانا
 
حمِدنا يومَ هجرتِه إلينا
يديْ قدرٍ أعاد لنا أخانا
 
وشاد "بنو العريضِ" و "آلُ عیسی"
هنا لأثيلِ مجدهما ، کیانا
 
لنا تاريخُنا حرباً وسلماً
إذا غضب الزَّمانُ ، أو استكانا
 
زرعنا درب هذا الشَّعبِ ورداً
وما زلنا ، وما تعبتْ يدانا
 
ندافعُ عن تراثِ بني أبينا
ونرغبُ أنْ يشاركَنا سوانا
 
فكيف يلومنا نفرٌ کریمٌ
إذا سرنا، وقصّر عن مدانا ؟
 
ونأبی أنْ نعاتبَ من تجنَّى
- علی شرفِ العتاب - ومن تجانَى
 
دع التَّاريخ يُخبر كیف کنَّا
إذا سألَ البنونَ ، وكيف كانا
 
نزلت على الذُّرا ضيفاً فجاءتْ
لتتَّكىء السماءُ علی ذرانا !!!
 
وما امتدَّتْ من القممِ العذارى
طريقٌ للسُّهى لولا خطانا
 
تباركت الذُّرا العطراتُ أهدتْ
إليكَ شموخَها والعُنفوانا
 
وبعد غدٍ إذا نیسانُ وافی
وفي عطفيه زهوٌ من صبانا
 
وسندس کلَّ رابيةٍ و سفحٍ
وبعثر فوقهنَّ الأرجوانا
 
وأرسل كلُّ شلالٍ نغيمٍ
صدى غزلِ الطَّبيعةِ والبيانا
 
سیزحف كلُّ ذي ألق ٍ وطيبٍ
ليوسع نیِّرَ الجدثِ احتضانا
 
رأيتُ بني أبي هدفَ المنايا
كأنَّ اللهُ للمحنِ اصطفانا
 
أحالَ الشَّعبُ يومَ "أبي فراسٍ"
وذكراهُ الحبيبةَ مهرجانا
 
و مرّغت الجفونُ على ثراهُ
ومن لهفي ضممتُ الصَّحصحانا
 
ولمَّا عقَّني أدبي وشعري
وفارق ساحرُ النَّغمِ الكمانا
 
أذبتُ عواطفي ونزيزَ جُرحي
لأملأَ من سلافهما دنانا
 
خبأتُ لكَ الَّلألىءَ في جفوني
أترغبُها عقيقاً أم جُمانا ؟
 
إذا وجم اللِّسانُ فإنَّ دمعي
ينوبُ عن المشاعرِ ترجُمانا
 
نديُّ الغارِ "للأسد المفدَّى"
وعاش مظفَّراً يحمي حمانا
 
وفيّأ ظلُّ وارفِ جنَّتيهِ
من التمسَ الأمانةَ والأمانا
© 2024 - موقع الشعر