هلْ تسألين - على بعادك - كيفَ حالُ أبي سُهيلِ ؟؟رقدتْ جفونُ الهانئينَ ، وضجَّ بالحسراتِ ليليجلَّ المصابُ - مصابُ قلبي - فيكِ عن حُسنِ العزاءِهلْ تمسحنَّ على نزيفِ جراحهِ كفُّ السماءِ ؟سيَّان بعدكِ شامخاتُ القصرِ عنديِ ، والتُّرابُما نفعُ هذا القلبِ إنْماتتْ أمانيهِ العِذابُ ؟؟عشنا معاً متوحِّدين على الهوى عمراً مديداوالعيشُ كانَ - علی بساطتهِ كما شئنا – رغيداخمسونَ عاماً، أو يزيدُ ، من المصاحبةِ النبيلهْلم يدرِ حرَّ الشَّمسِ عُصفورانِ دارهُما خمیلهْزوجٌ كأنَّ اللهُ ربَّالعطف، لم يبدعْ سواهاتحنو على بيتي ، وأطفالي تزقُّهُما صباهابالأمسِ كانَ البيتُ يطفحُ بالحياة، وكان يزهووأنا بهِ كالطِّفلِ ، أعُبث في جوانبهِ ، وألهو!!سارت سفينتُناو بحرُ العمرِ مضطربٌ وهاديءْلولاكِ ضيعتُ المرافيءَ ، وابتعدتُ عن الشَّواطيءْالحبُّ عندي في المشاعرِ ، والجوارحِ ، والعظامِوأراهُ ينبعُ من عيونكِ ، وابتسامكِ ، والكلامِكلُّ اختلافٍ كانَ أوَّلهُ ، وآخرهُ عتابُوأجوزُ بالخطأِ الصَّوابَ ، و ما تعدَّاكِ الصَّوابُإن تُرتُ أحياناً تُطالعني - مع العتبِ – ابتسامهْفأخفُّ معتذراً - وبيخجلٌ - وتنقشعُ الغمامهْعشنا ، وكنتِ مدى حياتكِ كلَّ شيءٍ في حياتيو أنا أنا حتَّى المماتِ ، وربَّما بعدَ المماتِعلَّمتني ، وأخذتُ عنكِ رويَّةً ، و هدوءَ طبعِلو تُشفقينَ عليَّ كنتِ تركتِ لي بصري ، وسمعيوغداةَ أزمعتِ الرحيلَ إلى دمشقَ .. إلى الطَّبيبِكانَ الوداعُ من الأكُفِّ ،من العيونِ ، من القلوبِ !!ودَّعتِني ، ومشيتِ نحوَ البابِ مثقلةً خُطاكِونظرتِ لاهفةً إليَّ ،و قد تندَّت مقلتاكِما كنتُ أعلمُ أنَّ تلكَ النَّظرةَ الولهى نذيرَهْكانتَ تقولُ - وكنتُ أجهلُ ما تقولُ - أنا الأخيرَهْلا تسأليني كيف قامت بالدُّريكيشِ القيامهْ ؟؟أولم تُريها خيرَ أرضِ اللهِ داراً للإقامهْ ؟؟الشَّعبُ يزحمُ كلَّ مُنعطف، ويشغلُ كلَّ ساحِلو تبصرينَ وتسمعينَ ، هدير نازفةِ الجراحِ !!الزَّاحفونَ إلى وداعكِ يملأونَ الدَّربَ سيْلاو أنا وراءهُم ، و قدحملوا إلى "التُّوبادِ" "ليلى"ضاقتْ بهم كلُّ الدُّروبِ ، إلى الضَّريحِ ، و كلُّ معبرْفذكرتُ يومَ العُرسِ ... لكنْ كانَ عُرسُ الموتِ أكبرْوقفَ البنونَ حيالَ نعشِ الأمِّ أربعةٌ ، و أربعْلو أنَّ ما في صدرِ واحدهمْ على جبلٍ تصدَّعْ !!هذا ضريحكِ ؟؟ أم تلالٌ ، من أكاليلِ الورادِ ؟؟و أظنُّ كفَّكِ راح بينَ الورد يبحثُ عن فؤادينامي بظلِّ السِّنديانِ ،و عندَ هسْهَسةِ السَّواقيو اللهُ يعلمُ ما لقيتُ غد الفراقِ ، وما ألاقيلم يدرِ غيرُ اللهِ ماألقى ، وما أخفي ، و أبديأتسافرينَ من الحياةِ وحيدةً ؟؟ و أطلُّ وحدي ؟؟ماذا أقولُ ؟ و لم يزُرْجفنيَّ طيفكِ في المنامِ ؟؟و لأنتِ أرفعُ في الحياةِ ، وفي المماتِ عن الملامِهل تسمحينَ بأن يزورَ الطَّيف أجفاني لِماما ؟؟فأنا اليتيمُ ، وصارَ كلُّالنَّاسِ في نظري يتامىما أوجعَ النَّكباتِ إنْنزلتْ على غیرِ انتظارِلا تعجبي إنْ رحتُ أبحثُ في النَّهارِ عن النَّهارِيا ربَّةَ الكفِّ النَّديَّةِ ، والطَّهارةِ ، والضَّميرِمن يُغدقنَّ العطفَ بعدكِ ، و الحنوَ على الفقيرِ ؟؟تهبينَ ما تجدينَ بينَ يديكِ من حاجٍ ، و مالِو أحبُّهُ للهِ ماتَهبينهُ قبلَ السُّؤالِ ...أنا لا أمدُّ يديَّ بعدَ غدٍ لأفتتحَ الخزانهْتبقى ثيابُكِ و الحليُّعلى المدى عندي أمانهْلا أعتبنَّ على الزَّمان ، ولست أوسعُه ملاماأو لم يكُنْ أغضى، و سالمني مدى خمسينَ عاما ؟؟لكنْ تنكَّرَ لي علىكبري ، وأرهقني ، وأشقىلم يبق لي أملاً أعيشُ لأجلهِ ، فعلامَ أبقى ؟؟فإذا طغى ، و بغى ، وعربدَ ، واعتدى سأظلُ ساكتْو القولُ أبلغُ ما تُغيظُ بهِ العداةَ وأنتَ صامتْأنا في الدُّجا والبيتُ – كلُّالبيتِ - تغمرُهُ السَّكينَهْترتادُه الأشباحُ ، متعبة الخطا ، مثلي حزينهْهجرَ اللِّداتُ مع الغداة ، نديَّهُ ، وانفضَّ سامرْو الدَّهرُ أخرسني ، وكنتُ - كما يقولُ النَّاسُ – شاعرْأنا في الظَّلامِ ، و غامَ فيقلبي ، و عينيَّ الضِّياءُهل تغضبينَ إذا سألتكِ : أين عدلُكِ يا سماءُ ؟؟بعداً ، و سوءَ غدٍ لمنْظلموكَ يا "عبدَ المعينِ"(*)هل كلُّ من يشكو ظُلامته ، يكونُ قليلَ دينِ ؟؟لو أدركوا السِّرَّ الذيزرعته كفُّ الله فينالرأوا بأنَّا خيرُ مَنْفي الأرض أخلاقاً وديناالحبُّ كانَ ، و ظلَّ فينا ، كالزَّمانِ بلا حدودِولنا إذا ما ماتَ واحدُنا بهِ أجرُ الشَّهيدِزرعت يمينُ الحُبَّ حَنجرة البلابل بالغناءِوأضاءَ حتَّى في ظلامِ اليأس مصباحَ الرَّجاءِكانت تمثِّلُ كلَّ شيءٍعندَ شاعرِها " بهيرهْ "كانت أميرتهُ ، أيُغفَرُ ذنبُ من قتلَ الأميرهْ ؟؟أنا في شتاءِ العمرِ يا" عبدَ المعينِ " أضعتُ قلبيما كانَ ذنبُك في ربيعِ العمرِ إلَّا بعضَ ذنبيكانتْ " بهيرةُ " في حياتكَ ، مثل " هاجرَ " في حياتيواليوم بعدهما نعيشُ على مريرِ الذِّكرياتيلتاعُ قلبك كلَّماخطرتْ يتيمتُها خُزامَىوأنا مضتْ عني ، وأبقتْهمْ ثمانيةً يتامىفإذا أطلَّتْ عندَ هادئةِ العشيَّةِ نجمتانِتتغامزانِ ، و تهمسانِ ،وتضحكانِ و تبكيانِوإذا تنهَّدتا ، ومزَّقت السَّكينةَ أنَّتانِفهما هما ، وأنا و أنتَ ، عشيقتانِ وعاشقانِسأعلِّمُ الأزواجَ كيفَ يفتِّشونَ عن الحقيقهْ ؟وأقول : جدّي آدمُ المسكينُ لم يخطيءُ طريقهْما بالُهم يتفلسفونَ ،ويبحثونَ عن الخطيئهْ ؟؟لا تظلموا " حواءَ " أمّكمُ ، فأمُّكمُ بريئهْلم ندرِ لولاها ، ولولا حبُّها معنى الحياةِو النُّورُ نورُ الله يُشرِقُ من قلوبِ الأمهاتِقيل : التَّأنُّقُ ، والتَّبرُّجُ شاهدان على الغوايهْقلنا : هما هدفٌ يرادُ بلوغه ، ونبيلُ غايهْوالله ما اتَّشحتْ بكلِّحُليِّها إلَّا لنرضیما ذنبُها إنْ كانَ بعضُ عقولِ هذا الشَّرقِ مرضى ؟؟لا تنسبنَّ لها الغوايةَ ،أنتَ يا ابنَ أبيكَ أغوَىلم تكتُبِ التَّاريخَ إلاوفقَ ما ترضى ، و تهوَىلي في ظلالِ السِّنديانِ ،و عندَ منعطفِ السفوحِروحٌ ترفُّ على الضَّريحِ ،لكي تعانقَ أختَ روحيسأعيشُ إن طالتْ بيَ الأيامُ إنساناً معذَّبْو أنا الذي أجدُ العذابَ - عذاب ذكراها - محبَّبْوغداً إذا جاءَ الشِّتاءُ ،سترجعينَ مع الشِّتاءما جئتِ عاصفةً ، و لكنْ صحوةً ، و نفيفَ ماءِوإذا الرَّبيعُ رمى عباءتهُ على فيحِ الكرومِكنتِ السَّنا ، والعطرَ فيالزَّهر الفتيحِ ، وفي الكميمِوتحولُ عند الصَّيفِ روحُك في عصير الكرمِ خمرهْلا تعجبي أن تستحيل على فمي والقلب جمرهْو سترجعينَ مع الخريفِ سحابةً تمشي الهوينىوأكادُ أسمعُ همسَ صوتكِ ، في الغمامةِ : ما نسيناماذا وراءَ القبرِ منعدمٍ يقال : و من خلودِ ؟؟أنا جاهلٌ أعمى بكلِّخفِّي أسرارِ الوجودِماذا وراءَ القبرِ ؟؟ عندي ما أضيقُ بهِ سؤالاإن رحت أنزلِهنَّ إيماني ، يقولُ العقلُ : لا ، لامَن راح يُنكرُ ما يُقالُ ، فكيفَ يُثبِتُ ما يقولُ ؟؟أنحُولُ في صُوَرٍ – كماقالوا - أنبقى ؟ أم نزولُ ؟إن صحَّ أن المرءَ يرجعُ في الطَّبيعةِ من جديدِهل ترجعين معي ، و لوفي زهرتين من الورودِ ؟؟ونعودُ في الغاباتِ وشوشةً ، و بوحاً في النَّسيمِو رجيع أغنيةٍ علىأوتارِ شلالٍ نغيمِأو نستحيلُ ، وقد تحلَّلت الحياة من القيودِ ؟؟في حفنتينِ من التُّراب ، وذرَّتين من الحديدِ ؟؟أنا في الطَّريقِ إلى دمشق غداً ، يرافقُني "سُهَيْلُ"و الشَّمسُ مشرقةٌ ، وملءُأضالعي ليلٌ ، و ويلُالويلُ مزروعٌ بكلِّجوارحي ، و نزيلُ قلبيو اللَّيلُ مفروشٌ بأجفاني، و ملءُ غدي، و دربيلا تعجبي و أنا المُبينُ ،إذا عجزتُ عن البيانِاللَّفظُ عاصاني ، و ضاقت عن معانيك المعانيماذا اجترحتُ ؟ وأيُّ شانئةٍ أتيتُ ؟ وأيَّ ذنبِ ؟و رفيق دربكِ في حياتكِ ، صار غير رفيقِ دربِ ؟و أظنُّ أيَّام الهناءِ عليَّ صارت مستحيلهْوقليلة ، وأودُّ لوكانت أقلَّ من القليلهْسأذيبُ أحلامي و آلامي ، وأسكبها قصيدهْو أزين فيها الشِّعرَ،معصمهُ ، ومفرقهُ ، وجيدَهْسأحيلُ عمري يا رفيقةَ رحلتي في العمرِ شعرايبقى على الأفواهِ ، والأسماع ، و التَّاريخِ ذكرىوغداً أخفُّ إلى التُّرابِ ، لأستريحَ إلى جواركْويكونُ داري - بعد أنفارقتِ داري - قرب داركْ
مناسبة القصيدة
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
في الغزل والوصف
في روايات وقصص
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.