أستـــــاذي قال لي! - أحمد علي سليمان

تلميذيَ المحبوبَ خلّ المُنكرا
إذ إنه يُزْري بأخلاق الورى

صورُ المعاصي جمّة وأخسّها
أن تفتنَ المتبرجاتُ الخيَّرا

والأصلُ غضّ الطرف عمن أظهرتْ
حُسناً يشعّ تغنجاً وتكسّرا

لم تلتزمْ شرعاً وليست تستحي
وتسيرُ في وسط الطريق تبخترا

لم تحترمْ دينَ المليك توقحاً
لكنها هوتِ السفورَ كما ترى

وترنحتْ بين الرجال بلا حيا
بلباس فاجرةٍ يُعافُ ويُزدرى

أضحى يشفّ عن المحاسن للألى
كالوا الثناءَ على السفور مُحَبّرا

جسمٌ توشّح بالتعرّي والخنا
وسعى الهوينى مَائساً مُستعطرا

والوجهُ تغشاه المساحيقُ التي
جعلته أبهى للمُغازل مَنظرا

ورموشُها نمِصتْ لتسبيَ ناظراً
والشعرُ فوق الرأس ها هو كوِّرا

وتفلجتْ للحسن بئسَ جريئة
تدري الحرامَ فتلك شبّتْ مُعصرا

وتزيّنتْ للمعجبين بقدّها
وتمايلت للناظرين تندرا

وخضوعُها بالقول يأسِرُ سامعاً
في قلبه مرضٌ ويهوى المنكرا

وكلامُها هزلٌ تخلله الهوى
مثل العزيف إذا تجلبب بالهرا

ولها لحاظ بالعيون ، سهامُها
تغتالُ إن غمزتْ بهن غضنفرا

يا أيها التلميذ زايلْ فتنة
هي عند مَن فقه العقيدة تُزدرى

واذكرْ مَناتنَ مَن فتنتَ بحُسنها
حتى تُطامن مِن دفاعِك والمِرا

هذا الفم المشقوقُ يَسحَرُ عاشقاً
ورِضابُه شَهدٌ عليكَ تحدّرا

وله احمرارٌ زاد مِن قسماته
وغدا مِن الزهر المزركش أزهرا

ما حالهُ إنْ طعمة غابت وآل
مه الطوى وغدا كريهاً أبخرا؟

والأنف إن وطئ الزكامُ رياضه
وأذلّه وطغى المُخاط وعسكرا

ما شأنُ أنفاس غدت مهتاجة؟
أفلا تراه بما يَعُلّ تغيرا؟

وإذا ترى أذنا تدلى قرطها
والأذنُ فاقت في البريق الجوهرا

أإذا استبد بها الصماخ وأزها
أتُطيق رائحة الصِماخ إذا انبرى؟

والعينُ ترسلُ سِحرها لمُتيم
منذ ارتآها لم يذقْ طعمَ الكَرى

ماذا تساوي إن تعقبها القذى
وبياضُها بالدمع أصبح أحمرا؟

أتحِبُ رؤيتها إذا ما استعبرتْ؟
أيسُرّ عينك وقتها أن تنظرا؟

والجسم ذو قدٍ يَميسُ تدللاً
سبحان مَن خلق الجمالَ وصورا

أوَليس مِن عَرَق يفوحُ زهامة
تُبدي الذي لمّا يكنْ مُتصورا؟

أتطيقُ حَيضتها إذا ما أكبَرتْ
حتى تفيئ مِن المحيض وتطهُرا؟

أتُطيقها نُفساء يلفحُها الأذى
هذا الذي كتبَ المليك وقدّرا؟

أتُطيقُ بَوْلاً أخرجتْ أو غائطاً؟
أم منه ترجعُ ما استطعت القهقرى؟

عذراً إذا صرّحتُ إني ناصحٌ
والنصحُ أقبحُ ما يكون مُزورا

فاحذر من النظرات تُزري بالفتى
وتعود بالقلب السليم إلى الورى

وأراك تنشدُ في الصلاح تقدّماً
فإذا غضضت الطرفَ لن تتأخرا

والحُورُ ترجو في الجنان مُوحّداً
حَسِن السريرة مُخلصاً ومُشمّرا

نعْمَ العرائسُ في الجنان ازّينتْ
ونفحن مِسْكاً للعشير وعنبرا

هذي العواتقُ في الخيام تشوقتْ
لمُوحّدٍ وُعد الجنانَ وبُشّرا

ليست لهن مناتنٌ يا صاحبي
واقرأ كتابَ الله كي تتبصّرا

لم يطمثِ الحَوراءَ إنسٌ لحظة
كلا ولا جن رأى أو أشغرا

أبُنيَّ حُورُ العِين أعظمُ رُتبة
مِن حُور طِين لم يُشَرّفن القُرى

شتان بين الحُورِ تُهديك الهنا
وتشد أزرك كي تقلدك الذرى

والحُورِ تُفقِدُك التمسكَ بالهُدى
كيلا تعيش مُكرّماً مُستبصرا

© 2024 - موقع الشعر