الفتيا أمانة ومسؤولية - أحمد علي سليمان

كم جاهل يُفتي ولا يتحققُ
وله لسان - في التخرص - أزلقُ

ويُحرّف الأحكامَ ، يزهقُ روحها
ما قيمة الأحكام إذ هي تزهق؟

ويُضل - بالأهواء - مَن يُصغي له
وجماعُ ما يحكيه جهلٌ مُطبق

يُفتي خزعبلة ، ويفرض طيشه
بئسَ التخبط والهوى والمنطق

متعمداً إغواء مَن ركنوا إلى
فتواه ، ثم يقول: يا قومي ثقوا

أوَليس يُدركُ أن هذي مِحنة
تئدُ العقيدة في القلوب ، وتوبق؟

أوَلم يفكرْ في مصير مَن افترى
كذباً على المولى ، وعاش يلفق؟

أوَليس يخشى من عذاب مُحْدِق؟
أم ليس يردعه العذاب المحدق؟

أوَليس يؤمن يا ترى بقيامةٍ
مِن هولها كل الخلائق تشفِق؟

أم أن سادته اشتروْا إيمانه
فمضى يُنفذ ما رأوْه ، وينعق؟

أم بات بوقاً للدهاقنة الألى
صنعوه ، ثم عليه دهراً أنفقوا؟

أم آثرَ الدنيا ، وأصبح عبدَها
ولذا غدا - بين الورى - يتفيهق؟

أم أنه يأوي إلى هفواته
تلك التي فيها يغوصُ ويغرق؟

أم أنه عشق الضلالَ مُفضلاً
ظلماته ، فغدا به يتعلق؟

وغدا النفاقُ يدبّ في أوصاله
فإذا به مُستمرئاً يتملق

فيلوكُ فتوى ، ثم ينشرُ ضدّها
ليروّج التلفيقَ إذ يتشدق

ويُلمّع الفتوى ليسحَر سامعاً
مِن فرط تلميع الكلام يُصَدق

فيُحِل بالفتوى الحرامَ تحايلاً
ليُصارعَ الماءَ السرابُ الديسق

ويُحقُ باطلَ مَن يجود تكرّماً
أيراه رباً يجتبيه ويرزق؟

وينالُ بالفتوى رضا مَن أفلسوا
وكأنه - لرضاهُمُ - يتشوق

ويثورُ إن جاءت إليه نصيحة
وفؤاده - مِن غيظه - يتحرق

ويضيقُ ذرعاً بالذي يُزجي له
وعظاً سكينته تفوحُ وتعبق

وأمانة هذي الفتاوى كلها
فعلى الألى يُفتون أن يتحققوا

فليسألن - عن الشريعة - سائلٌ
وجوابُ مَن كذبوا عزيفٌ أخرق

ولسوف يُخزي الله كل محرفٍ
كم عاش - في تضليله – يتحذلق

إذ إن فتوى الناس مسؤولية
وأمانة عند الذي يتعمق

© 2024 - موقع الشعر