أنت يا حياة - أحمد علي سليمان

يا حياةً فَرَّخَت فيها الدياجي
ما لها بين البرايا مِن سياجِ

فارقتْ وحي المليكِ الحقِّ دهراً
فإذا بالعيش فيها كالسِناج

ثُقلَةُ الطين مَرارٌ واضطرابٌ
ويعيش الناس فيها كالدَّجاج

هَمُّهُم بَطنٌ وفَرجٌ ، دون وعي
ثم طعم الحال كالمِلْحِ الأُجَاج

غَنَم تحيا علي الهزل ، وتلهو
وحميرُ رفسَتْ نُورَ السِّراج

هجروا الهَديَ ، فعاشوا في ضلال
ثم ساروا في الوري سَيرَ النِّعَاج

يا حياةً عَشْعش الشيطانُ فيها
خففي اللهجةَ هذي في اللجَاجِ

أفسد الفنُ الرقيعُ الجيلَ حقاً
فتمادي في متاهاتِ الهَيَاج

وقلوب الناس بالتضليل ماتت
ورؤوسُ الخلق عانت من شِجاج

عجباً: إذ كيف سُوقُ الخير فُضَّت؟
ثم سوقُ الشر دوماً في رَواج

يا حياةً في حَضِيض الأرض غاصتْ
ثم ضاعتْ في دياجير العَجَاج

إنما الله قديرٌ ، فاستفيقي
ربما الأزمةُ هذي لانفراج

واهجُري الزيفَ ، وكوني في يقين
ربما الفجر يُناغِي في انبِلاج

إنّ للتوبة باباً ، فاستعيني
وعُرَى الهَدي ستجتَثُّ الدياجي

لم يكن للهزل أن يحيا طويلاً
سُنة الله ، فجدِّي في العِلاج

ليس يَرضى بالمخازي غيرُ وغدٍ
إنما أهلُ المعاصي في ابْتِهَاج

لكن المؤمنُ بالطاعات يرضي
لا يعيشُ العمرَ في أدني ازدواج

إنما يعبدُ رباً وفق شرع
ليس يقضي عمرَهُ وفق المَزاج

إنّ بالأخلاق عيشُ المرء حيٌ
لكنِ العيشُ بغير الدِّينِ داجِ

لا يُسَاوي العيشُ ، كلا ، ما نُعاني
وكذا ليس يُساوي أن نُداجِي

© 2024 - موقع الشعر