زواجٌ بالإكراه! (كان خياراً صعباً) - أحمد علي سليمان

اظفرْ بها أو أن روحك تُزهَقُ
واسمعْ هُدِيتَ كلام مَن بك يرفُقُ

هذي النصيحة قد درسْتُ مفادها
ورأيتُ منفعة بها تتعلق

ورأيتُ كل الخير في تنفيذها
ورأيتُ آمالاً بها تتحقق

ورأيتُ أيتاماً سيسعد عيشهم
ورأيت أرملة تئنّ وتُشفق

ورأيت عائلة تذوب توجُّعاً
وتكاد - من أثر الفجيعة - تصعق

ورأيتُ نار الثأر تختصرُ المدى
والثأرُ بئس الرأيُ بئس المنطق

ورأيتُ أقواماً تؤلّب بيننا
حتى نحقّق ما الأراذلُ لفقوا

ورأيتُ قرن الشر يستبقُ الخطا
وعلى نوايا الخير فينا يُطبِق

ورأيتُ قاتلنا يهدّدُه الشقا
وفؤادُه - مما يُعاين - يخفق

ورأيتُ شِرذمتين في غسق الدجى
ومصيرُ كلٍّ بات أمراً يُقلق

ورأيتُ قاضيَنا تحيّر بيننا
ويقول: عفوُكمُ أجلُّ وأليق

ورأيتُ محكمة تجمِّد حكمها
أكرم بشرع الله حين يُطبَّق

ورأيتُ قوماً يَعرضون حلولهم
مَن يا ترى منهم يعف ويصدق؟

فطرحتُ حلاً لم يجُل في خاطر
كم غرّبوا فيما ذكرْتُ ، وشرّقوا

واستهجنوا ما قلته ، وتعجّبوا
والبعض ظن بأنني أتحذلق

والبعضُ قال بأنني متعالمٌ
والبعضُ صرَّح أنني متفيهق

وأنا - ورب الناس - أرجو خيرهم
فأنا بشِرعة ربنا أتخلق

حاشاي أظلم ، إن هذي رؤيتي
وبها جهرتُ ، ولم أكن أتملق

أنا لست أكرهه على ما أدّعي
أنا لم أهدّدْه بروح تزهق

لكنني خيّرته متحملاً
لوماً كجمر - في الكرامة - يحرق

ووجدت عائلتين: كلٌ يشتكي
وبكفّ كلٍ في المصيبة بيرق

أولاهما فقدتْ حبيباً غالياً
ووجدتُ أخرى - في أساها - تغرق

ولذا اقترحت زواجه من بنتنا
وعلى اقتراحي جاء خِبٌ يبصق

أنا قد رحمتُ عياله أن يُصدموا
وعيالنا أن يشمتوا ، أو يَحنقوا

وحقنتُ - محتسباً - دماءً أرخصَتْ
قطراتها ، وبها المخاطرُ تحدق

وطلبتُ من أهل الفتى أن يصفحوا
وعلى الذي قتل الفتى يتصدقوا

وهداهمُ المولى لما قد قلته
وهداه حقاً للذي هو أعمق

فالزوجتان معاً ببيتٍ واحدٍ
وعيالُ كلِّ بالتراضي أغدقوا

والكل بارك ما اقترحتُ مرحِّباً
والبعض جاء - لخيمتي - يستوثق

وزواجُه منها أزال غمومنا
ورأيتها كالشمس إذ هي تُشرق

وعلى المليك الأجرُ ، هذا حسبنا
إني بما - عند المهيمن - أوثق

لولا رجائي في جزاء مليكنا
لأمرتُ بالدم يُستباح ويُهرق

ولما وقفتُ أمام قوميَ منذراً
وأنا الخطيبُ الألمعيّ المُصْلق

ولمَا تحديتُ الجميع منافحاً
عما ارتأيتُ مسفهاً من ضيّقوا

ولمَا تفهمتُ القضية مؤثراً
عفواً كزرع يستطيل ويُورق

نفسٌ بنفسٍ جَل مَن ذا شرعه
والعفوُ أقرب للتقى ، بل أسبق

هذا بيانٌ في الكتاب مُفصَّل
مهما تنقصه الدعي الأولق

يا رب فأجُرْني ، وثبتْ حُجّتي
واجعلنيْ ممن - للشريعة - طبقوا

© 2024 - موقع الشعر