ليس بأمانيّكم - أحمد علي سليمان

إني لأسألُ حائراً ماذا جرى؟
وبأي حق خالفَ الشرعَ الورى؟

وهل الحنيفة تُستباحُ أصولها
جهراً ، ويُحتقرُ الرشادُ ويُزدرى؟

أيجوز لابن أن يعاقبَ أمه
في قصةٍ جابت بيوتات القرى؟

لو لم يسُق (عمريّنا) أحداثها
لجهرتُ: هذ القول إفكٌ مُفترى

لو لم يفندْها القضاءُ مُبينا
تصديقها كيما يزيل المنكرا

لرأيتها هزلاً وقولاً ساقطاً
وعزيفَ جنٍ قد توشّحَ بالهُرا

أمٌ يُجرّعُها الشقا أبناؤها
فتبيتُ لا تدري مَذاقاً للكرى

وتظل تجأرُ للمليك ، وتشتكي
وتسيلُ أدمعُها السواجمُ أنهرا

من بعد أن عدِمتْ حليلاً مُشفقاً
في القبر ضمّته الجنادلُ والثرى

تحيا ، وتخنقها عذاباتُ الجوى
فتئنّ وجداً ، ثم تنكرُ ما ترى

والوَحشة الكأداءُ تفترسُ الصِبا
والعمرُ يمضي ، لا يعودُ القهقرى

والغادة الحوراءُ يَذهبُ حُسنها
والشيب يَزدردُ الجمالَ بلا مِرا

أرأيت أرملة تحب أيومة
حتى وإن سكنت ربوع انجلترا؟

قالت: أريد الزوج يُبهجُ عِيشتي
وأراه خيراً منهجاً وتصورا

إذ إن بُعد الأهل أورثني الأسى
حتى انقهرتُ توجّعاً وتحسّرا

قالوا: معاذ الله لن تتزوجي
والكل قدّم في النقاش ، وأخرا

ففتىً يقول: أرى الزواجَ تهوراً
فكفاكِ يا أم الرجال تهوّرا

وفتىً يقول: زواجُها أضحوكة
تُشجي الفؤاد تفكهاً وتندرا

وفتىً بكف البغي يصفعُ أمه
مُستهجناً ما تدعيه ومُنذرا

وفتىً يُهينُ الأمّ دون تريثٍ
مِن بعد أن حمل اللوا ، وتصدّرا

مسكينة ضربتْ ، ونيلَ إباؤها
وهي التي ولدتْ ، وشبت مُعصرا

فتجشّمتْ درب القضاءِ عزيزة
لتقيم حقاً - في المسير - تعثرا

ليقول أهلُ الذكر قولاً فاصلاً
مُتجرداً متقبّلاً مُستبصرا

وِفق الشريعة والكتاب مُفصلاً
ومُبيناً حتى يُعالج ما جرى

وهنالك انتفض القضاة ، وصرّحوا
أنْ لا ولاية مطلقاً لمن افترى

حتى الأمانيُّ التي هم أمّلوا
سَقطتْ ، وتلك الأم أمست في الذرى

وتزوجتْ مَن تشتهي في دارها
وعِيالها أمسَوْا ضيوفاً حُضّرا

© 2024 - موقع الشعر