نعزي أم نهني؟! - أحمد علي سليمان

يا راحلاً قد هفا لضجعة القبْرِ
لذا أعدّ لها نفائسَ الذخْرِ

قاسيتَ في العيش أهوالاً مُقنطرة
وفي العُروق من البلوى دمٌ يجري

وعشت تعتصرُ الآلامَ في جلدٍ
وتستهينُ بما تلقاه من ضر

ولُكت ما ساقتِ الأقدارُ من مِحن
لوْك الذي عالجَ الأسقامَ بالصبر

وذبت شوقاً إلى غفران ما اقترفتْ
نفسٌ هوتْ زمناً في حَمأة الشر

وفي (جنين) رأيت الظلم عن كثب
يطوي الحياة بألوان من القهر

قضية نسجَ الأعداءُ حَبكتها
وقسّمُوها ، فمِن طور إلى طور

وصدّق البعضُ ما حاكوه من كذب
وكيف يصْدُق من يأوي إلى الفُجر؟

وأنت أخبرُ بالأوضاع مُذ بدأتْ
وباليهود وما أتوْه من جَور

حتى دهتْك لمَا عاينت قاصمة
أضنتك عِقدين مِن بُحبوحة العُمر

والكل حولك مذ عانيت في شُغل
يؤمّلون الشِفا في السر والجهر

أبناؤك الصِيد ما جفت مدامعُهم
حُزناً عليك من الإصباح للفجر

وللكنائن في الإخلاص مدرسة
خوفاً عليك من الأسقام تستشري

أما العلاجُ فلم ينفعْ تناوله
وفي الضرورة يقضي الطب بالحجر

والناس ترجو لهذا الشيخ نجدته
وتسأل الله أن يمن بالخير

والموت خط بلا إذن نهايته
وأصبح الشيخ بعد الموت في القبر

وحيّر الصحبَ والأهلين ما التمسوا
من الكلام يُواري سَوأة الأمر

قالوا: نعزي ونبدي الحزنَ في ملأ
ونحمل الكل في المَعزى على الصبر؟

أم نظهر السعدَ حيث ارتاح أشيبا
من العذاب طغى حِيناً من الدهر؟

© 2024 - موقع الشعر