إقبال شاعر الزهد! - أحمد علي سليمان

مَن ذا يُضارعُ في التنظير (إقبالا)؟
أمَّن يُبارزُ – في الميدان – أبطالا؟

لم يُحن هامته يوماً لمُجترم
لذاك لاقى عَذاباتٍ وأهوالا

لم يرتض اللينَ والتطويعَ عن رغب
حتى يُحققَ - في دنياه - آمالا

ففي (سِيالكوتَ) كانت نشأة ظهرَتْ
فيها الأماراتُ كانت تُسعِدُ الآلا

مِن أن شِبلاً له مستقبلٌ غردٌ
يوماً يقودُ لنصر الحق أشبالا

وإنْ رأيت قرى (البنجاب) سامرة
وإنَّ فيها له فخراً وإدلالا

وحَلَّ ضيفاً على (الإفرنج) مُلتمساً
علومَهم ، لم يكُنْ يلقي لها بالا

وناولَ الشِّعرَ إحساساً وعاطفة
وبعدُ ناولَ أفكاراً وأقوالا

وصاغ حِكمته شِعراً يَذودُ به
وحَوَّلَ الشعرَ تطبيقاً وأفعالا

ولم يكنْ يرتجي بالشعر سَفسطة
بل ارتجى بالذي أملاهُ أعمالا

ولو رأيت به الآدابَ مُزهرة
تُنِيله شرفاً يُرجَى وإجلالا

وشق درباً إلى عميق فلسفةٍ
مُفنداً نصَّها حِلاً وتِرحالا

وكان في (لندنٍ) في العِلم مدرسة
وخرَّج الفذ للإسلام أجيالا

وزارَ (قرطبة) ، وخصَّ مسجدَها
بالشعر فيه بكى عِزاً وأطلالا

وخط عشرين مِن أسفاره شغفاً
بأن تُترجمَ تفصيلاً وإجمالا

وعنه ألفَ أقوامٌ تراجمَهم
ووصَّفوا عنه عاداتٍ وأحوالا

يا فارسَ الهند والبنجاب تهنئة
على القبول أحَبَّ الكلُّ إقبالا

عليك مِن ربِّك الرحمن رحمته
سيُكمِلُ الجيلُ ما خططت إكمالا

مناسبة القصيدة

(كان لي ولعٌ كبير بشاعر الباكستان محمد إقبال. وكان لي شرفُ قراءة أغلب ديوانه ، وقمتُ بدراسة الكثير من كتبه وآرائه فألفيته بحق شاعر الزهد والحكمة وكأني به يُعيد لنا أشعار أبي العتاهية والمَعَرِّي بنفس حضاري معاصر. ورأيت أن أخصه – قبل موتي – بقصيدة هي من بعض حقه علينا ذلك الشاعر المحترم الذي لم تصرفه عُجمته عن أن يطلع على تراث العرب ومآثرهم حتى خرجت أشعاره ترجمة لِما يُعانيه العرب ففي بعض القضايا كان عربياً أكثر من العرب أنفسهم رحم الله الشاعر الكبير محمد إقبال ، وأسكنه فسيح جناته. وبارك الله في شعره وكتبه وأقواله ، ونفع بها من قرأ ونشر ونقد وترجم ، وقيض الله لإرث إقبال الفكري والثقافي والشعري من يهتم به ويسعى في نشره على أوسع نطاق ، ويترجمه بعدة لغات ليدرك غير الناطقين بالعربية من هو الشاعر الباكستاني محمد أحمد إقبال. وما دوره في إثراء الفكر الإسلامي في زمانه؟)
© 2024 - موقع الشعر