مشتاقون - محفوظ فرج

مشتاقون
 
مشتاقون
قالتْها وتوارتْ عَنّي
فرَوَتْ لي العصفورةُ
أنَّ تواريها عن قصدٍ
كي توقظَ فيكَ الشجنَ الضاربَ
في الأعماقِ
تَدعْكَ تَذَكَّرُ كلَّ لقاءٍ
كنتَ تغازلتَ بهِ معها
تَتَذكَّرُ حسنَ مُحَيّاها
حينَ يرفرفُ قلبُكَ
كالطائرِ وهو يحومُ
على هالاتِه
تحضرُ قدّامَك الحاظٌ
من عينينِ هما أحلى من لونِ عسَل
النحلِ
به حرقةِ لونٍ أسودَ كنتَ تدقِّقُ
في إيِّ عوالمَ ترحلُ فيكَ
لا تدري الا بعد تَبسُّمِها
يرسو مركبُكَ الغاطسُ على
أطرافِ الهدْبِ
رَوتْ لي العصفورةِ
أنَّ تواريها
من بعدِ ال(مشتاقونَ )
سيورثُ فيضاً من أحرفِكَ المحمومةِ
تلهجُ فيها مثل المجنونةِ
تمسكُ أعماقُ مخارجِها
أطرافَ الأرْدانِ وتغطسُ
في عَبقِ اليسمينِ النائمِ
يبن الثوبِ وبين بياضِ الساعدِ
أتَذَكَّرُ أنّا منذُ تلاقيْنا
في بَريّة سامراء
عَرَفَتْ روحانا أنّا من عهدِ سلالةِ أكدٍ
نعشقُ بعضَيْنا
وبقينا متَّحديْنِ
إلى أنْ زحفَ الرومانُ
طغاةُ القرنِ الواحدِ والعشرين
فَتفرَّقْنا
وشعرتُ على كِبَرٍ أنّي أبحثُ عنّي
في زحمةِ أشتاتٍ أودى فيها
الخَرّاصون وجمعُ المرتزقة
لكنْ ظَلَّتْ قامتُكِ الحنطيّةُ
باسقةً كنخيلِ البصرةِ
تَمْثُلُ لي في الحاراتِ المأسورةِ
حتى العودةِ للبريّةِ لا يمكنُنِي رؤيتها !
وُضِعَتْ أسلاكٌ شائكةٌ
تَمتدُّ على طولِ الدربِ إليها
أين أراكِ ؟
وحلبُ الشهباءُ عليها سورٌ فولاذي
في شحّات ؟
وشحاتُ تمادى فيها
من لا يعرفُ طيبةَ أهليها
لن ألقاكِ إلى أنْ يرتَدَّ
المندسونَ يجرّونَ ذيولَ الخيبة
 
د. محفوظ فرج

مناسبة القصيدة

مشتاقون مشتاقون قالتْها وتوارتْ عَنّي فرَوَتْ لي العصفورةُ أنَّ تواريها عن قصدٍ كي توقظَ فيكَ الشجنَ الضاربَ في الأعماقِ تَدعْكَ تَذَكَّرُ كلَّ لقاءٍ كنتَ تغازلتَ بهِ معها تَتَذكَّرُ حسنَ مُحَيّاها حينَ يرفرفُ قلبُكَ كالطائرِ وهو يحومُ على هالاتِه تحضرُ قدّامَك الحاظٌ من عينينِ هما أحلى من لونِ عسَل النحلِ به حرقةِ لونٍ أسودَ كنتَ تدقِّقُ في إيِّ عوالمَ ترحلُ فيكَ لا تدري الا بعد تَبسُّمِها يرسو مركبُكَ الغاطسُ على أطرافِ الهدْبِ رَوتْ لي العصفورةِ أنَّ تواريها من بعدِ ال(مشتاقونَ ) سيورثُ فيضاً من أحرفِكَ المحمومةِ تلهجُ فيها مثل المجنونةِ تمسكُ أعماقُ مخارجِها أطرافَ الأرْدانِ وتغطسُ في عَبقِ اليسمينِ النائمِ يبن الثوبِ وبين بياضِ الساعدِ أتَذَكَّرُ أنّا منذُ تلاقيْنا في بَريّة سامراء عَرَفَتْ روحانا أنّا من عهدِ سلالةِ أكدٍ نعشقُ بعضَيْنا وبقينا متَّحديْنِ إلى أنْ زحفَ الرومانُ طغاةُ القرنِ الواحدِ والعشرين فَتفرَّقْنا وشعرتُ على كِبَرٍ أنّي أبحثُ عنّي في زحمةِ أشتاتٍ أودى فيها الخَرّاصون وجمعُ المرتزقة لكنْ ظَلَّتْ قامتُكِ الحنطيّةُ باسقةً كنخيلِ البصرةِ تَمْثُلُ لي في الحاراتِ المأسورةِ حتى العودةِ للبريّةِ لا يمكنُنِي رؤيتها ! وُضِعَتْ أسلاكٌ شائكةٌ تَمتدُّ على طولِ الدربِ إليها أين أراكِ ؟ وحلبُ الشهباءُ عليها سورٌ فولاذي في شحّات ؟ وشحاتُ تمادى فيها من لا يعرفُ طيبةَ أهليها لن ألقاكِ إلى أنْ يرتَدَّ المندسونَ يجرّونَ ذيولَ الخيبة د. محفوظ فرج اللوحة التشكيلية للفنان التشكيلي العراقي العالمي ستار كاووش Sattar Kawoosh بعنوان ( الفردوس )
© 2024 - موقع الشعر