بين الجوسقي وبونابرت! - أحمد علي سليمان

جهرتُ بخير أقوالي
وبُؤتُ بخير أفعالي

معي العُميانُ ما خضعوا
لطاغوتٍ ودَجَّال

هتِفتُ بهم أن انطلقوا
فما رضخوا لأهوال

وكانوا قوة عُظمى
تُعَبِّيءُ خيرَ أبطال

فما هزأ العدوُّ بهم
ولم يَعمَدْ لإغفال

لذا استخذى ، فساوَمَني
فقد أغراه مِنوالي

وهدَّدَني ، وعَشَّمَني
لأدرسَ بعضَ أقوالي

وأغراني ، وواعدَني
أكونُ لمصريَ الوالي

فلم أقبلْ تزلفهُ
فأمسى اليائسَ السالي

أنا ابنُ الثورة العَصما
أنا – للمُعتدي – القالي

وكيف أطِيعُ مُحتلاً
غزا أرضي وأعمالي؟

وشرَّدَني ، وسربلني
وقيَّدَني بأغلال

أنا في السِّلم مدرسة
وفي حِلي وتِرحالي

ولكن في الحروب فتىً
يصُدُ الصائلَ الجالي

ف (بونابرتُ) أكرَههُ
وأمقتُ كل مُحتال

هو الغازي لمملكتي
ومُوجدُ ضنكَ أحوالي

متى أعطيتُه ثِقتي؟
وقد أودى بأطفالي

ومهما كان مِن خَطب
ومهما ساق مِن قال

سيبقى مُجرماً جهلاً
وقائدَ جيش جُهَّال

يمُدُّ يداً يُصافحُني
ولم يَكُ يُدركْ التالي

هوتْ كفي على وجهٍ
يَرُدُّ الحاقدَ القالي

فكفُّ الشعب حاسمة
كَكَفِّ الثائر الصالي

وإنْ ألقى الذي ألقى
فصمتي فيه إذلالي

يَمين الله أحسبُني
جنانُ الله عُقبى لي

مناسبة القصيدة

(الشيخ سليمان الجوسقي ، الرجل الذي مَدَّ يده وصفع نابليون صفعة قوية قائلاً: "معذرة يا بونابرتة ، هذه ليست يدي ، هذه يد الشعب" ، فاستشاط نابليون غضباَ ، وأمر بقتل الرجل وإلقاء جثته في النيل. ولم تفلح وساطة المشايخ لبونابرته ، فتم إلقاء الجوسقي رحمه الله من فوق القلعة. رحم الله الشيخ سليمان الجوسقي ورحم الله كل من دفع حياته حباً وإخلاصاً للإسلام وللمسلمين ديناً وداراً وشعباً. إن قصة الجوسقي مع بونابرت تستحق قصيدة تعيد الحق إلى نِصابه وتُعيد القوسَ إلى باريها ، لتُبين لكل الطغاة والظالمين أن الحق لا يموت ولا يفوت ، وأن العاقبة للتقوى ، مهما طال الزمن.)
© 2024 - موقع الشعر