مروءة الملك كُنكا موسى! - أحمد علي سليمان

تعيشُ المُروءة فيمن سما
عزيزاً ووحَّدَ ربَّ السما

وقدَّمَ معروفه مُحسناً
وعاشَ بتوحيده مُسْلما

ولم يَقبل الضيمَ مهما جرى
ولم يُلفَ في الناس مُستسلما

فإما انتصارٌ يَسودُ به
ويَغلب مُستكبراً مُجرما

وإما الشهادة يَحظى بها
على مَتنها العبقريُّ استمى

و(كُنكا) بنُ موسى له صَولة
ودينٌ عظيمٌ إليه انتمى

وجندٌ كِرامٌ على رأسِهم
بهم إنْ عَتتْ مِحنة يُحْتمى

مَقولتُه عذبة فذة
رآه الورى عَبرَها ضيغما

يَغار على الحق يَحيا له
ولو أشربَ الشِّيحَ والعلقما

ولا يَخذلُ الحق مُستغنِياً
وليس يُسَلمُ أرضَ الحِمى

وأرَّقهُ أسر أم غفتْ
وبنتٍ لها ، غدَتا مَغنما

وأيقظه مِن سُبات فتىً
وأناتُهُ ثاعِباتٌ دَما

يُناجيه أنقذهما سيدي
وناشدْ بمجهودك المُنعِما

فساءلَ (كُنكا) رئيسَ العِدا
عن السِّت والبنت أين هما؟

فقال: هنالك في دِيرنا
أمام الحظيرة مِثلُ الإما

فقاطع (كُنكا) أراجيفهُ
وجَرَّحَهُ الدمعُ لمَّا همى

وقال: أريدُهما قبل أن
يَحِين المساءُ وأن تندما

فحُرِّرَتا مِن قيود الأسى
وأمسى الدهاقينُ مِثلَ الدُّمى

و(كُنكا) تحَللَ مِن ذنبها
ومِمن بَغى اسطاعَ أن يَنقِما

مناسبة القصيدة

(سؤالٌ أسأله لكل قاريءٍ نبيهٍ وجيهٍ مثقفٍ واع:- هل تعرف سبب هذه المقولة العظيمة؟! "والله الذي لا إله إلا هو لو جعلتم بريطانيا حذاءً في يميني ، والبرتغال حذاءً في شمالي لن أقبل لهما دية أقل من رأس ملكٍ مقابل البنت ورأس ملكٍ مقابل أمها"! هذا على فرض صحة قصة المشهورة في أكثر من كتاب ومصدر ومرجع! كان الملك المسلم كنكا بن موسى يَسترد قرية اغتصبها النصارى في الحبشة ، فأخذ جيشه وحرر القرية ، وأخرج كل جيش النصارى في ساحة القرية أسرى بما فيهم قائدُ جيشهم وكبيرُ القساوسة وزوجة قائد جيش النصارى وأمه وأولاده. فجاء طفلٌ صغيرٌ للملك كنكا بن موسى وهو راكب على فرسه فمسكه الطفل من قدمه ، وقال له: يا سيدي يا سيدي فرد عليه الملك وقال للطفل: هل أنت مسلم يا غلام؟ قال: نعم يا سيدي! فقال له الملك كنكا ناظراً بعينه لقائد النصارى والقس: لبيك يا شبل الإسلام! فانهار القس مطروحاً على الأرض من الغيظ! فقال له الطفل: يا سيدي لقد خطف قائد جيش النصارى أمي وأختي! فقال الملك للجنود: إيتوني بقائد الجيش والقس والطفل إلى خيمتي! وقال لقائد الجيش: أين أم الغلام وأخته؟! فقال له بعد تردد: ذهبتُ بهما إلى دير القديسة هيلانا لتخدم في حظيرةٍ خاصةٍ بالدير! فقال لهم الملك: أرسل من يأتي بهما في موكب من 70 فرس و70 جمل و 1000 من العبيد والجنود يحوطون بالموكب ، وسوف تبقى أنت والقس تعملان خدماً في حظيرة المسلمين تخدمان دوابهم حتى تعود المرأة المسلمة وابنتها! فقال قائد النصارى: إن كانتا على قيد الحياة حتى اليوم سنأتي بهما ، وإن كانتا غير ذلك فإنه يمكن أن تدفع البرتغال وبريطانيا المال والذهب فداءً لهما! فقال لهم الملك كنكا بغيظ والشرر يطير من عينيه: اسمعا ما أقول لكما: (والله الذي لا إله إلا هو لو جعلتم بريطانيا حذاءً في يميني ، والبرتغال حذاءً في شمالي فلن أقبل لهما دية أقل من رأس ملكٍ مقابل البنت ورأس ملكٍ مقابل أمها". فأرسل قائد الجيش والقس برسائل مع رسل منهم وأتوا بالأم وابنتها ، وكانتا على قيد الحياة من تقدير الله الحليم العظيم ، وكان ما أمر ملك المسلمين كنكا بن موسى! وقال الملك كنكا: ستبقى المعركة قائمة ، ولن نعلن النصر إلا بعد أن تصل المرأتين المسلمتين الأم وابنتها إلى بيتهما! وأرسل قساوسة الدير الأم وبنتها في الموكب كما طلب ملك المسلمين بالضبط! فقال الملك للأم وابنتها معتذراً عما حدث: هل تسامحاننا فيما حدث لكما؟ فقالت الأم: نسامحك وبكل فخر يا سيدي! فقال كنكا: وأنا والله لن أسامح نفسي أن تبيت مسلمة أسيرة خارج بيتها ولو ليلة واحدة! هذا حدث فقط يوم أن كنا عظماء! وما دام الإسلام ديننا فسنبقى عظماء مهما أكل علينا الدهر وشرب! وسيأتي اليوم الذي يُرفع أذان المسلمين من فوق برج روما خمس مرات في اليوم والليلة ، فأبشروا وبشروا من تعرفون بأن عز الإسلام باق ما بقيت الدنيا! من أجل هذه المروءة النادرة الفذة التي تكاد تنعدم في زماننا الذي قل خيره ، كانت هذه القصيدة!)
© 2025 - موقع الشعر